-

استمع لجسدك: لماذا نمرض أحياناً؟

استمع لجسدك: لماذا نمرض أحياناً؟
(اخر تعديل 2025-04-14 12:11:30 )
بواسطة

في خضم الحياة اليومية، قد نشعر أحياناً بوقف مفاجئ لكل شيء. نستيقظ في الصباح وكأن جسدنا يثقلنا، ونشعر بألم في الرأس دون معرفة سببه، وحرارة تتصاعد من دون سابق إنذار. في هذه اللحظات، يبدأ البحث عن إجابات: هل هو فيروس؟ هل تناولنا طعامًا ملوثًا؟ لكننا في كثير من الأحيان نتجاهل الاحتمال الأكثر وضوحًا: أن أجسادنا قد نفذت طاقتها وقررت أن تأخذ استراحة قسرية.

يجهل الكثيرون أن المرض، في بعض الحالات، يعد مجرد لغة الجسد التي نحتاج إلى تعلمها عندما نفشل في الاستماع إليها. نحن نرفض فكرة الراحة، نؤجل النوم، نصرّ على تحقيق الإنجازات رغم التعب، ونكبت مشاعر القلق والتوتر. وفي النهاية، يقرر الجسد أن يخرج عن السيطرة، ملوحًا لنا بلافتة حمراء: "توقف الآن".

في هذا المقال، سنتناول كيف يمكن أن يتحول التوتر المزمن إلى عنصر فعّال في إضعاف مناعتنا، ولماذا يلجأ الجسم أحيانًا إلى المرض كوسيلة للدفاع عن النفس.
عائلة شاكر باشا مدبلج الحلقة 56

هل نحن من نختار المرض دون وعي؟ أم أن الجسم يجبرنا ببساطة على الاستسلام؟ لنستكشف هذه الأسئلة معًا.

علاقة التوتر بالأمراض الجسدية

صورة توضيحية

في زحمة الحياة وأعبائها، قد لا يتوقفنا شيء عن الحركة سوى المرض. فجأة، نجد أنفسنا مجبرين على الاستلقاء في السرير، كأن الجسم قد أعلن العصيان على نمط حياتنا المرهق.

التوتر المستمر: ضغط صامت

التوتر ليس بالضرورة عدوًا. فهو جزء من نظامنا الدفاعي، يساعدنا في الاستجابة السريعة للتحديات. لكن عندما يصبح التوتر رفيقًا يوميًا، يبدأ في التسلل إلى صحتنا بهدوء، مما يترك خلفه اضطرابات مثل الأرق المزمن، والصداع المتكرر، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وضعف المناعة.

المرض كاستراحة قسرية

قد لا يختار الجسم المرض بوعي، إلا أن التوتر المستمر يضعف المناعة، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالعدوى. وهكذا، يصبح المرض هو الطريقة الوحيدة التي يفرض بها الجسم على صاحبه أن يرتاح.

دراسة داعمة: الصحة تبدأ من الجهاز العصبي

أظهرت دراسة نشرت في مجلة Nature Neuroscience أن الجهاز العصبي المركزي يتفاعل مع التوتر بطرق تؤثر بشكل مباشر على الجهاز المناعي، مما يزيد من احتمال الإصابة بالأمراض خلال فترات الضغط النفسي الممتد. هذا يشير إلى أن العلاقة بين التوتر والمرض ليست مجرد علاقة شعورية، بل هي أيضًا علاقة عضوية وعلمية.

هل يمكننا منع هذا السيناريو؟

الوقاية لا تقتصر على تناول الطعام الصحي أو ممارسة الرياضة، بل تبدأ من الوعي بأنفسنا وبجسدنا. يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا عندما نشعر بالإرهاق، وأن نلاحظ العلامات الصغيرة التي يرسلها لنا الجسم: صداع متكرر، تعب غير مبرر، توتر دائم. فهي ليست مجرد تفاصيل عابرة، بل رسائل مبكرة علينا أن نصغي لها.

ليس المقصود أن نأخذ إجازات طويلة كلما شعرنا بالإجهاد، بل أن نتعلم كيف نمنح أنفسنا راحة حقيقية. أن نخلق لحظات من الصمت، ومساحة للتنفس بعيدًا عن الضغوط. فالراحة ليست مجرد تغيير في نوع الانشغال، بل هي استراحة حقيقية.

في النهاية، المرض لا يظهر دائمًا بسبب فيروس أو عارض عضوي. أحيانًا، يكون رد فعل طبيعي لجسد قرر أن يقول "توقف" بعد فترة طويلة من تجاهلنا له.