-

الحب والهوية: كيف نحافظ على ذواتنا؟

الحب والهوية: كيف نحافظ على ذواتنا؟
(اخر تعديل 2025-04-13 11:11:27 )
بواسطة

تشكل العلاقات العاطفية العميقة جزءاً مهماً من حياتنا، حيث ينغمس الطرفان في عالم مشترك قد يؤدي أحياناً إلى تجاوز الحدود الشخصية. في خضم هذه المشاعر، يمكن أن يجد أحد الشريكين نفسه يتخلى تدريجياً عن اهتماماته وهواياته وصوته الداخلي، مما قد يعكس محاولة للحفاظ على التناغم والانسجام.

لكن، هل يتطلب الحب أن نذوب في الآخر بالكامل؟ أم أن العلاقة الصحية تحتاج إلى مساحة للذات مثلما تحتاج إلى قرب الشريك؟

بين الحب والتلاشي الشخصي

إن الرغبة في التقارب العاطفي أمر طبيعي في أي علاقة، لكن الخطر يكمن عندما يتحول هذا التقارب إلى ذوبان كامل. بعض الأشخاص قد يتخلون عن هوياتهم الخاصة دون أن يشعروا بذلك، حيث يبدأون في التحدث بلغة الشريك ويتعلقون به نفسياً في كل شيء، مما يؤدي إلى إهمال أنفسهم تحت مسمى “التضحية”.

هذا النمط، رغم أنه قد يبدو نابعاً من الحب، إلا أنه في الحقيقة يؤسس لعلاقة غير متوازنة، مما يخلق مشاعر من التبعية وفقدان القيمة الذاتية على المدى الطويل.

أهمية "المساحة" في العلاقة

تشير العديد من الأبحاث النفسية، بما في ذلك دراسة نُشرت في مجلة Journal of Personality and Social Psychology، إلى أن الحفاظ على الهوية الفردية داخل العلاقة يعد مؤشراً على العلاقة الصحية وطول أمدها. الشركاء الذين يحتفظون باهتمامات وأنشطة وهويات مستقلة يشعرون برضا عاطفي أكبر، ويكونون أقل عرضة للانهيارات العاطفية عند حدوث الخلافات.

كيف تحمي حدودك دون أن تُتهم بالبرود؟

الحفاظ على الذات لا يعني الابتعاد أو بناء حواجز، بل يعني وجود "أنا" واضحة في مقابل "نحن". إليك بعض النقاط العملية لتحقيق ذلك:

لا تتخلَ عن اهتماماتك

استمر في ممارسة هواياتك، واجتمع مع أصدقائك، وطور نفسك مهنياً، فكل ذلك يساعدك على البقاء متوازنًا داخل العلاقة.

عبّر عن مشاعرك بوضوح

تعلّم كيف تقول "لا" عندما تحتاج إلى وقت لنفسك، دون أن تشعر بالذنب أو الخوف من خسارة الشريك.

تجنب المثالية

لا تتوقع من العلاقة أن تملأ كل جوانب حياتك. الشريك ليس مسؤولاً عن سعادتك الكاملة، بل هو رفيق في الرحلة، وليس محور الكون.
محمد الفاتح مترجم الحلقة 26

دع الشريك يحتفظ بحريته أيضاً

العلاقات المتوازنة تسمح للطرفين بحرية الحركة والتطور والنمو الفردي، دون ضغط أو رقابة.

عندما تشعر بأنك لم تعد أنت

إذا لاحظت أنك تخليت عن أشياء كنت تحبها، أو لم تعد تملك قراراتك، أو أنك تتحدث بأسلوب لا يشبهك، فعليك التوقف. هذه إشارات تدل على أنك تبتعد عن ذاتك. قد يكون الوقت مناسبًا لمراجعة العلاقة، وربما الحديث الصريح مع الشريك عن الحاجة لإعادة التوازن.

في النهاية، الحب الحقيقي لا يُلغيك، بل يضيف إليك. لا تنسَ أن الشخص الذي أحبك في البداية أحبك لأنك كنت أنت، بهويتك وأفكارك ونقاط قوتك وضعفك. لا تخف من أن تبقى على طبيعتك، فالعلاقات الأقوى هي التي تسمح لك أن تحب دون أن تُفقدك نفسك.