-

الحب والوجع: رحلة البحث عن الشريك الحقيقي

الحب والوجع: رحلة البحث عن الشريك الحقيقي
(اخر تعديل 2025-04-10 11:11:29 )
بواسطة

في بعض الأوقات، نظن أننا في رحلة بحث عن الحب، نتوق إلى شريك يشبهنا ويكملنا، شخص يتداخل مع أحلامنا ورغباتنا. لكن في أعماقنا، يطرح سؤال آخر أكثر صدقًا وإرباكًا: هل نحن فعلاً نبحث عن شريك حياة، أم عن شخص يمكنه أن ينقذنا من آلام قديمة لم تُعالج بعد؟

الجرح القديم والعلاقة الجديدة

صورة تعبيرية

في مرحلة الطفولة، نحتاج إلى الحب غير المشروط، إلى الاحتواء والتصديق. وإذا لم نحصل على ذلك، نكبر ونجد أنفسنا نبحث عنه في أماكن أخرى دون وعي. قد ننجذب إلى شخص يذكرنا بطريقة ما بمن سبب لنا الألم، ونسعى دون وعي لإصلاح تلك الذكرى المؤلمة. لذا، تصبح العلاقة ليست عن الحاضر، بل محاولة لإعادة كتابة الماضي.

فمثلاً، قد تقع امرأة نشأت في ظل تجاهل والدتها في حب رجل عاطفي بارد، أو قد يجد رجل كَبَت مشاعره طوال حياته نفسه يتجه نحو شريكة تحتاج من ينقذها دائمًا، ليشعر بقيمته من خلال مساعدتها. في الظاهر، يبدو هذا حباً، ولكنه في العمق توق لإغلاق جرح قديم بطريقة غير واعية.

شريك أم مرآة؟

العلاقات العاطفية تعمل كمرآة تعكس لنا ما نحاول تجاهله أو إنكاره. الشخص الذي ننجذب إليه قد لا يكون بالضرورة من نحتاجه، بل قد يكون من يعيد تحريك آلام لم نواجهها بعد. بدلاً من حلها، نعيد عيشها مجددًا.
محمد الفاتح مترجم الحلقة 26

لهذا، نجد أنفسنا نكرر الأنماط ذاتها: نحب الشخص الخطأ، نغفر الإهمال، ونتمسك بعلاقات تستنزفنا، بينما نعتقد أن المشكلة تكمن في "عدم الحظ"، في حين أن الحقيقة تكمن في دواخلنا.

الحب لا يداوي الجروح… بل يكشفها

يقال كثيراً إن الحب يشفي، وهذا صحيح جزئياً، لكنه لا يعفي الشخص من مسؤولية شفاء ذاته أولاً. عندما نحمّل الطرف الآخر مسؤولية إسعادنا، فإننا نحوله من "شريك" إلى "منقذ". وهذه وصفة مرهقة لعلاقة غير متوازنة.

فالشخص المنقذ يتعب، والمُنقَذ يشعر بالعجز، وتنتهي العلاقة عند أول اختبار.

متى نختار بعين مفتوحة لا بجراح مفتوحة؟

الخطوة الأولى تبدأ بالوعي: أن نرى جروحنا دون خجل، وأن نفهم كيف توجه اختياراتنا دون أن ندرك. يجب أن نسأل أنفسنا:

  • هل أبحث عن شخص يشعرني بأنني محبوب لأنني لا أشعر بذلك وحدي؟
  • هل أتمسك بمن يؤذيني لأنني اعتدت أن الحب مؤلم؟
  • هل أخاف من فقدان العلاقة لأنني أخشى مواجهة ذاتي؟

عندما نبدأ في معالجة جروحنا، يتغير معيار اختياراتنا. نتوقف عن البحث عن من "يكملنا"، ونبدأ في البحث عن من "يرافقنا". لا منقذ، بل شريك يسير معنا ونحن مكتفون بذاتنا.

في النهاية، الحب الحقيقي لا يشبه ما نراه في الأفلام، ولا يعزف على أوتار الوجع القديم. إنه حب ناضج، ناعم، يزدهر في ضوء الوعي، وليس في ظل الجروح.

العلاقة الصحية ليست بين منقذ وضحية، بل بين روحين اختارتا أن تتشاركا الطريق، لا أن تعالجا الماضي في الحاضر.