-

منصور الرحباني: عبقرية الموسيقى والمسرح

منصور الرحباني: عبقرية الموسيقى والمسرح
(اخر تعديل 2025-01-13 08:43:23 )
بواسطة

في يوم 13 يناير 2009، فقدت السيدة فيروز، أحد أبرز أعمدة الفن العربي، شقيق زوجها الراحل عاصي، الموسيقار القدير منصور الرحباني. لقد شكلت هذه اللحظة الحزينة نهاية حقبة فنية عميقة، حيث كانت فيروز مع الأخوين رحباني رمزًا للنجاح والإبداع الفني الذي لا يُنسى، ولا زالت فصول تلك القصة الفنية الرائعة تعيش في قلوب محبي صوت "جارة القمر".

عاش منصور الرحباني، الذي توفي عن عمر يناهز 84 عامًا، حياة مليئة بالإبداع والتحديات. كان له ثلاثة أبناء هم: مروان، عدي، وأسامة. وقد أسس مع شقيقه عاصي قاعدة فنية متينة في المسرح الغنائي العربي، حيث تركا بصمة خالدة لا يمكن محوها في تاريخ الموسيقى العربية. لقد كان منصور شخصية فنية أصيلة، ارتبط اسمه بقوة بالمشروع الرحباني الذي غيّر المشهد الفني، واستمر في حمل شعلة الإبداع بعد رحيل شقيقه عاصي، مُحافظًا على روح الفن رغم الألم الذي عاشه.

الرحيل الذي غير ملامح الحياة الفنية لمنصور الرحباني

منصور الرحباني

بعد فقدان شقيقه عاصي، عانى منصور من صدمة كبيرة تركت أثرًا عميقًا في حياته الفنية. وأعرب عن مشاعره قائلًا: "عملًا بوصية أخي، أكملت المشوار الصعب، لأن الإنسان يجب أن يُكمل الرسالة". وعلى الرغم من استمراره في التأليف والإبداع، لم يكن بإمكانه ملء الفراغ الذي تركه عاصي. كانت روح أخيه ترافقه دائمًا في كل خطوة يخطوها في عالم الفن.

رؤية منصور الرحباني للعبقرية والموهبة

الرحباني

يؤمن منصور الرحباني بأن العبقرية لا تُورث، لكنه يلاحظ في الجيل الجديد من الرحبانيين، مثل: زياد ومروان، مواهب واعدة. وفي إحدى اللقاءات التلفزيونية، قال: "أبناء الجيل الجديد درسوا الموسيقى، وأبدعوا في المجال ولديهم ثقافة شمولية وحب للقراءة"، مما يجعلهم مميزين في زمن تقل فيه المواهب الحقيقية.

ورغم قلة أعمالهم السينمائية، كان الأخوان رحباني يركزان على المسرح الغنائي، حيث قال منصور: "المسرح الغنائي أهم، لما فيه من لحظات هاربة، في حين أن السينما تبقى". وقد عبر أيضًا عن رفضه لفكرة "المسرح البديل"، مؤكدًا أن لكل فنان رسالته وحضوره، وأن إرث الأخوين رحباني لا يمكن فصله، حيث قال: "لم ننتهِ، فالفن ليس بديلًا بل تواصل واستمرارية".

أما قصة تعاون السيدة فيروز مع الأخوين رحباني، فهي قصة تستحق السرد. حيث اكتشف الموسيقار حليم الرومي (والد ماجدة الرومي) صوت فيروز، ثم تزوجت من عاصي الرحباني عام 1954، الذي كان يعمل مع شقيقه منصور على تطوير نوع جديد من الموسيقى. وقد اكتشفوا في صوت فيروز القدرة على دمج الموسيقى الشرقية والغربية بأسلوب جديد ومبتكر.

بدأوا بتقديم أغانٍ ذات طابع مختلف تمامًا عن السائد في ذلك الوقت، وكانت أغانيهم الأولى مثل "عتاب" و"راجعون" مليئة بالحنين والشجن. ومع مرور الوقت، أصبح الثلاثي (فيروز والأخوين رحباني) رمزًا للموسيقى الحديثة في لبنان والعالم العربي.


قلب أسود الحلقة 17