-

توقعات الزواج وتأثير السوشال ميديا

توقعات الزواج وتأثير السوشال ميديا
(اخر تعديل 2025-06-24 11:11:25 )
بواسطة

في عصرنا الحالي، حيث يتم بث لحظات الزفاف وكأنها عروض سينمائية، تُصوّر أدق التفاصيل وتعرض على الملايين في دقائق معدودة، باتت نظرة الكثيرين إلى الزواج مختلفة تمامًا. لم يعد الارتباط مجرد مشروع مبني على التفاهم والدعم المتبادل فحسب، بل أصبح بالنسبة للبعض مسرحًا لاستعراض الكمال.

هذا التحول يطرح سؤالًا مهمًا: هل تساهم حفلات الزفاف الفخمة التي تُعرض على منصات السوشال ميديا في رفع سقف التوقعات إلى درجة تهدد استقرار العلاقات الزوجية بعد الزواج؟

زفاف أم فيلم هوليوودي؟

زفاف فاخر

تُظهر الأعراس التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي كل عناصر الفخامة بما في ذلك القاعات الأسطورية، والفساتين المصممة خصيصًا، والتصوير السينمائي، بل وقد تصل الأمور إلى وصول العروس بمروحية أو قارب، وهدايا باهظة من الذهب والمجوهرات.

لكن ما يُنشر عن هذه الأحداث هو الجانب البراق فقط، ولا يظهر في الصورة الكواليس المعقدة التي تتضمن الجهد والتوتر والتنازلات. النتيجة هي أن العديد من الشباب يتكون لديهم صورة مثالية عن الحياة الزوجية تقاس بجمالية "ليلة الزفاف" دون النظر إلى واقع الأيام التي تليها.

توقعات غير واقعية.. ثم صدمة!

تشير الدراسات النفسية إلى أن التوقعات المرتفعة التي لا تستند إلى واقع غالبًا ما تنتهي بخيبة أمل، خاصة عندما يُقارن أحد الطرفين حياته الزوجية بما يراه على منصات التواصل الاجتماعي. من أبرز الأوهام التي تُغذّيها هذه الأعراس المصوّرة:

  • أن الزواج يجب أن يبدأ بحفل فاخر وإلا فهو ناقص.
  • أن الشريك المثالي يُفاجئك دائمًا بالهدايا والمفاجآت الرومانسية.
  • أن الحياة الزوجية يجب أن تكون مليئة باللحظات "الإنستغرامية".
  • أن الخلافات لا تحدث في العلاقات "الناجحة".

تلك التوقعات المرتفعة تخلق فجوة بين الواقع والمأمول، ما يؤدي في كثير من الحالات إلى الإحباط والتوتر، وأحيانًا الطلاق المبكر.
السعادة العائلية الحلقة 3

وراء الكواليس.. ما لا يُنشر

ما لا تعرضه مواقع التواصل الاجتماعي هو الضغط النفسي، والقروض التي تُؤخذ لتغطية تكلفة الزفاف، والتوتر العائلي، والقلق الناتج عن المقارنات، وحتى النقاشات الحادة بين الشريكين خلال فترة التحضير.

بالإضافة إلى ذلك، العديد من الأزواج الذين يظهرون بصورة مثالية على المنصات قد يمرون في الحقيقة بصراعات يومية، لكنهم يحرصون على إبقاء الصورة العامة متماسكة، مما يسهم في تغذية "الوهم الجماعي" حول الزواج المثالي.

كيف نحمي أنفسنا من هذا التأثير؟

الوعي هو البداية. يجب على المقبلين على الزواج أن يدركوا أن:

  • حفل الزفاف ليس مقياسًا لنجاح العلاقة.
  • الحياة الزوجية قائمة على الحوار، والصبر، والتفاهم.
  • السوشال ميديا تُظهر لحظة، لا حياة كاملة.
  • السعادة لا تُقاس بالفيديوهات أو التفاعل، بل بالشعور اليومي بالرضا والأمان.

من المهم تقليل التوقعات والتركيز على بناء علاقة صحية، واقعية، قائمة على القيم المشتركة والتكامل، بدلاً من تقليد ما يُعرض في "Explore".

لم تعد التحديات التي تواجه الزواج محصورة في التقاليد أو الظروف الاقتصادية، بل دخلت السوشال ميديا على الخط كمصدر ضغط جديد. في عالم باتت فيه الخصوصية نادرة، والتوقعات عالية، يبقى الخيار بيدنا: هل نعيش حياتنا حسب ما نراه على الشاشات، أو نصنع تجربتنا الخاصة التي تُشبهنا، وتلائم إمكانياتنا، وتُثمر بمرور الزمن لا بمشاهد مصوّرة؟