الزواج من شخص نرجسي: أسباب ومعاناة
يعتبر الزواج من شخص نرجسي أكثر تعقيدًا من مجرد عدم التوافق أو الاختلافات التي قد تؤدي إلى الانفصال. بل يمكن أن يُشبه هذا الزواج ورطةً حقيقيةً، أو سجنًا مؤبدًا يصعب الهروب منه بمجرد اتخاذ قرار الانفصال. فشريك النرجسي يحيط نفسه بسلسلة من القيود التي يضعها النرجسي بإتقان، ومع مرور السنوات، تصبح عملية الخروج من هذه العلاقة أكثر صعوبة وتعقيدًا.
في هذا المقال، سنستعرض الأسباب التي تجعل المرأة التي ارتبطت برجل نرجسي تعاني من الخوف من الانفصال، بل وقد تجد صعوبة كبيرة في اتخاذ هذا القرار.
لماذا تجد شريكة النرجسي صعوبة في الانفصال؟
تُعد العلاقات مع الأشخاص النرجسيين تجربة مرهقة ومربكة، حيث يتلاعب النرجسي بالمشاعر ويستخدم أساليب نفسية معقدة تجعل شريكه يشعر بعدم القدرة على المغادرة. إليك بعض الأسباب التي تجعل الشريك غير قادر على الخروج من العلاقة بشكل طبيعي:
1. التلاعب النفسي: دائرة لا نهائية من الأمل والإحباط
يُعتبر النرجسي بارعًا في خلق دوامة من المشاعر المتناقضة لدى شريكته. حيث يمنحها لحظات قصيرة من الحنان والاهتمام، ثم يعود ليعاملها ببرود أو قسوة. هذه الديناميكية تجعل الزوجة تعيش على أمل عودة اللحظات الجميلة، مما يدفعها للاستمرار في العلاقة على الرغم من الأذى النفسي الذي تتعرض له.
2. التدمير المنهجي للثقة بالنفس
يعمل النرجسي بشكل غير مباشر على تحطيم ثقة زوجته بنفسها من خلال النقد المستمر والتقليل من شأنها، مما يجعلها تشعر بأنها غير قادرة على العيش بدونه أو اتخاذ قرارات مصيرية بمفردها. وكلما طالت مدة العلاقة، ازدادت هشاشة ثقتها بنفسها، وهذا ما يجعلها تعتقد أن قرار الانفصال هو مخاطرة كبيرة.
3. الخوف من العقاب العاطفي والمادي
لا يتقبل الزوج النرجسي فكرة الفقدان بسهولة، وعندما تشعر الزوجة برغبة في المغادرة، قد يستخدم وسائل تهديدية مثل العقاب العاطفي، أو التهديد بالحرمان المادي، أو حتى التلاعب بالأطفال إذا كان هناك أطفال، مما يجعل قرار الانفصال يبدو وكأنه معركة خاسرة.
4. التعلق العاطفي والإدمان على العلاقة
قد تصبح الزوجة مدمنة على العلاقة بسبب التعزيز المتقطع الذي يمارسه النرجسي، حيث يخلط بين اللطف والقسوة في فترات متباعدة، مما يخلق ارتباطًا عاطفيًا يشبه الإدمان، حيث تبقى الزوجة متعلقة بالأمل في تحسن الوضع.
5. الضغوط الاجتماعية
قد تلعب العوامل المجتمعية دورًا رئيسيًا في بقاء الزوجة مع النرجسي، خاصة إذا كان الانفصال يُعتبر فشلًا اجتماعيًا، أو إذا كانت الزوجة تعاني من ضغوط أسرية تدفعها للاستمرار حفاظًا على "الأسرة المثالية".
6. الارتباك والتشكيك في الواقع
يجيد النرجسي التلاعب بزوجته لدرجة تجعلها تشكك في إحساسها بالواقع، وهو ما يُعرف بأسلوب "الإبهار" (Gaslighting). قد يقنعها بأنها تبالغ في ردود فعلها، أو تتخيل سوء معاملته، مما يجعلها تتردد في اتخاذ قرار حاسم.
7. الخوف من الوحدة والمستقبل المجهول
الزوجة التي عاشت لسنوات في علاقة معقدة قد تخشى أن تكون وحيدة أو غير قادرة على بناء حياة جديدة بعد الانفصال. حيث يزرع النرجسي في عقلها فكرة أنها لن تجد شخصًا أفضل منه، مما يجعلها تستمر في العلاقة رغم معاناتها.
كيف يمكن للزوجة استعادة قوتها واتخاذ القرار؟
على الرغم من صعوبة التخلص من حياة الخضوع التي عاشتها الزوجة مع النرجسي بسبب براعته في التلاعب النفسي، إلا أنه من الممكن أن تنفصل عنه من خلال الوعي واتخاذ الخطوات المناسبة، ومنها:
التثقيف وفهم طبيعة النرجسية
عندما تدرك الزوجة أنها ليست المذنبة، وأن شريكها يعاني من اضطراب سلوكي، تبدأ في استعادة وعيها بحقيقة العلاقة.
بناء شبكة دعم قوية
التحدث مع الأصدقاء أو المعالجين النفسيين يساعدها على كسر العزلة واستعادة الثقة بنفسها.
التخطيط للخروج بأمان
إذا كان النرجسي يستخدم التهديدات، فمن الأفضل وضع خطة تدريجية للمغادرة بأقل ضرر ممكن.
إعادة بناء الثقة بالنفس
عبر العمل على تطوير الذات واستعادة الاستقلال العاطفي والمادي.
حب زواج طلاق الحلقة 5
وفي النهاية، إن اتخاذ قرار الانفصال عن زوج نرجسي ليس بالأمر السهل، لكنه ليس مستحيلًا أيضًا. إدراك الزوجة لحقيقة العلاقة والتلاعب الذي تتعرض له هو الخطوة الأولى نحو التحرر. ومع مرور الوقت، ومع الدعم النفسي والاجتماعي، يمكنها أن تستعيد حياتها وتبني مستقبلًا خاليًا من الاستنزاف العاطفي.