رصد انفجارات أشعة غاما غير مسبوقة

في حدث فلكي يعتبر غير مسبوق، تمكن علماء الفلك من رصد سلسلة من انفجارات أشعة غاما التي انطلقت من مصدر واحد خلال فترة زمنية قصيرة، وهي ظاهرة لم تندرج تحت أي من النماذج العلمية المعروفة حتى الآن، وذلك وفقاً لما أفاد به المرصد الأوروبي الجنوبي.
زهور الدم الحلقة 566
ما هي انفجارات أشعة غاما؟

تُعتبر انفجارات أشعة غاما (Gamma-Ray Bursts - GRBs) من أكثر الظواهر الكونية عنفاً، والتي تنتج عادةً عن أحداث كونية كارثية مثل انهيار النجوم العملاقة أو ابتلاعها بواسطة الثقوب السوداء. وعادة ما تستغرق هذه الانفجارات من بضعة أجزاء من الثانية إلى دقائق معدودة، ولكنها تطلق طاقة تفوق ما تنتجه الشمس خلال مليارات السنين.
ظاهرة لا تتكرر.. ماذا حدث هذه المرة؟
أوضح الدكتور أنتونيو مارتن-كاريلو من جامعة دبلن، وهو واحد من المشاركين في الدراسة المنشورة في مجلة The Astrophysical Journal Letters، أن انفجارات أشعة غاما تُعتبر أحداثًا مدمرة بطبيعتها، ولا يُنتظر أن تتكرر من نفس المصدر. ومع ذلك، ما تم رصده في صيف هذا العام كان مخالفًا تمامًا لهذا المفهوم.
فخلال يوم واحد فقط، استطاع تلسكوب "فيرمي" الفضائي التابع لوكالة ناسا التقاط ثلاث ومضات قوية من نفس الموقع في الفضاء، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ رصد هذه الظواهر الذي يمتد لأكثر من خمسين عامًا.
تلسكوبات متعددة تكشف المزيد من الغموض
في وقت لاحق، أظهرت بيانات إضافية من تلسكوب "أينشتاين" الفضائي، المشغل بالتعاون بين الصين ووكالة الفضاء الأوروبية، أن المصدر نفسه كان نشطًا حتى قبل الرصد الرسمي بحوالي 24 ساعة. ووفقًا للعالم أندرو ليفان من جامعة رادبود الهولندية، كانت الإشارة أطول بـ100 إلى 1000 مرة من متوسط مدة انفجارات أشعة غاما المعروفة.
المصدر خارج مجرتنا.. الأدلة من الأرض والفضاء
في البداية، افترض العلماء أن الانفجارات جاءت من داخل مجرة درب التبانة، لكن صوراً ومشاهدات أكثر دقة من التلسكوب العملاق "VLT" في صحراء أتاكاما التشيلية، إلى جانب تأكيدات من تلسكوب هابل الفضائي، أشارت إلى أن المصدر قد يكون في مجرة أخرى تبعد عدة مليارات من السنين الضوئية، ما يعني أن قوة الانفجار كانت هائلة بشكل يفوق التصور.
فرضيات متعددة ولا إجابة واضحة
على الرغم من وجود العديد من التفسيرات المحتملة، لا يزال السبب الحقيقي وراء هذه الظاهرة لغزًا. من بين الفرضيات المطروحة: انهيار نجم فائق الكتلة بطريقة غير معتادة، أو ربما تدمير نجم نادر على يد ثقب أسود أكثر غرابة. وبينما يواصل العلماء تحليل البيانات بحثًا عن تفسير، يبقى هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ مراقبة الكون، وقد يفتح آفاقًا جديدة لفهم كيفية تطور المجرات ونهاية النجوم.