-

الأمومة: رحلة مشاعر مختلطة وتجارب إنسانية

الأمومة: رحلة مشاعر مختلطة وتجارب إنسانية
(اخر تعديل 2025-03-17 11:35:43 )
بواسطة

تحمل الأمومة في طياتها حلمًا جميلاً تسعى الكثير من النساء لتحقيقه، لكن الواقع قد يكون بعيدًا عن الصور المثالية التي تُعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي. خلف الابتسامات الجميلة ولحظات الحب الجارف، تختبئ مشاعر معقدة نادرًا ما يتم التعبير عنها، مثل الإرهاق، الحيرة، الشعور بالذنب، وحتى الندم في بعض الأحيان.

إن هذه المشاعر المختلطة ليست دليلًا على ضعف الأم أو نقص في قدرتها، بل هي جزء طبيعي من التجربة التي تمر بها كل امرأة تدخل عالم الأمومة.

بين الحب والتعب: ازدواجية المشاعر في الأمومة

الأمومة

تُحب الأم طفلها بكل كيانها، ولكن في الوقت ذاته قد تشعر بالإرهاق من المسؤوليات المتزايدة. منذ اللحظة التي تحمل فيها طفلها، تتغير حياتها تمامًا، ويصبح هناك كائن صغير يعتمد عليها في كل شيء. بين ليالٍ بلا نوم ومحاولات مستمرة لتهدئة بكاء الطفل، قد تشعر الأم وكأنها تفقد جزءًا من هويتها السابقة. هذه المشاعر لا تعني أنها أم سيئة، بل تعكس التحولات العميقة التي تمر بها.

ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر هو أن تخفي الأمهات مشاعرهن الداخلية، ويتجنبن الحديث عنها حتى مع أنفسهن في بعض الأحيان. هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأمهات إلى إخفاء مشاعرهن، وفقًا لما ذكرته المحللة السلوكية المعتمدة والمستشارة التربوية ليال أبو سعد.

أسباب تجعل الأمهات تخفي هذه المشاعر

لنستعرض بعض الأسباب التي تدفع الأمهات لعدم التعبير عن مشاعرهن:

الخوف من الأحكام الاجتماعية

تُعزز الثقافة المجتمعية صورة الأم المثالية التي لا تُظهر أي تعب أو حاجة للراحة، مما يفرض ضغطًا كبيرًا على الأمهات. أي تعبير عن الإرهاق قد يُفهم على أنه ضعف أو أنانية، مما يدفع الأم إلى إنكار احتياجاتها الشخصية خوفًا من انتقادات المجتمع.

الشعور بالذنب

تشعر الأمهات أحيانًا أن أخذ وقت لأنفسهن يعني تقصيرًا في حب أطفالهن. هذه الفكرة ناتجة عن صورة مثالية للأمومة رسختها التربية والمجتمع، لكنها ليست واقعية. الحقيقة هي أن الأم لا يمكنها العطاء بشكل متوازن دون أن تهتم بنفسها.

ضغط صورة الكمال

تُظهر وسائل التواصل الاجتماعي الأمومة بصورة مثالية يصعب تحقيقها، مما يجعل الأمهات يقارنّ أنفسهن بالآخرين ويشعرن بعدم الكفاءة. من المهم إدراك أن هذه الصور لا تعكس الواقع، فالأمومة مليئة بالتحديات الطبيعية التي لا تظهر على الشاشات.

نقص الدعم

تشعر بعض الأمهات بأنهن وحيدات في هذه الرحلة، دون دعم كافٍ من العائلة أو الأصدقاء. عدم وجود شبكة دعم قد يزيد من الضغط النفسي، لذا من الضروري أن تبحث الأمهات عن شبكة دعم تساعدهن في مشاركة تجاربهن والشعور بأنهن لسن وحدهن.

كيف تتقبل الأم هذه المشاعر؟

تقبل المشاعر

تشير ليال إلى أن هناك خطوات يمكن أن تساعد الأمهات في تقبل هذه المشاعر والتعايش معها بشكل أفضل:

الاعتراف بأن المشاعر مختلطة وطبيعية

يجب على الأمهات إدراك أن الشعور بالتعب أو الحاجة للوقت الشخصي لا يتعارض مع الحب والرعاية. هذه المشاعر هي دليل على إنسانيتها، وليست عيبًا أو تقصيرًا.

التواصل مع أمهات أخريات

مشاركة المشاعر مع أمهات يمررن بتجارب مشابهة يساعد في تخفيف الضغوط، حيث توجد اليوم العديد من مجموعات الدعم التي توفر بيئة مناسبة لتبادل تجارب الأمومة وتحدياتها.

الاهتمام بالنفس

الاستراحة ليست ترفًا بل ضرورة. تخصيص وقت للنشاطات الشخصية، حتى وإن كانت بسيطة، يساعد الأم على تجديد طاقتها والعودة لرعاية أطفالها بحب أكبر.

طلب الدعم

طلب الدعم ليس ضعفًا، بل هو خطوة ذكية لتخفيف الضغط. يمكن للشريك أو العائلة المساهمة في رعاية الأطفال ومنح الأم مساحة شخصية ضرورية.
حب زواج طلاق الحلقة 5

التعلم من المشاعر

يمكن استخدام هذه المشاعر كفرصة لفهم الذات بشكل أفضل وتحديد الاحتياجات. على سبيل المثال، إذا شعرت الأم بالإرهاق، فهذا مؤشر على أنها بحاجة إلى إعادة تنظيم وقتها.

وفي رسالة أخيرة للأمهات، تدعو ليال أبو سعد إلى تقبل أن الأمومة رحلة مليئة بالتحديات والمشاعر المختلطة. لا تدعي الشعور بالذنب يسيطر عليكِ. أنتِ إنسانة قبل أن تكوني أمًا، واحتياجاتك النفسية والجسدية لها أهمية كبيرة. التوازن بين العطاء لنفسك ولأطفالك هو مفتاح النجاح في رحلتك كأم.