-

فن الأمومة: حماية وحرية متوازنة

فن الأمومة: حماية وحرية متوازنة
(اخر تعديل 2025-10-08 11:11:30 )
بواسطة

إن الأمومة ليست مجرد مشاعر جياشة أو حنان لا حدود له، بل هي فنّ يتطلب القدرة على الموازنة بين طرفين متناقضين هما الحماية والحرية. فالأم كائن عاطفي بطبيعتها، ترغب في حماية طفلها من كل المخاطر، بدءاً من خطواته الأولى وحتى مرحلة المراهقة. ومع ذلك، تدرك أن الإفراط في الحماية قد يعوق تطور الطفل ويمنعه من تكوين شخصيته المستقلة.

تتجلى الصعوبة هنا: كيف يمكن للأم أن تكون درعاً واقياً لطفلها دون أن تتحول إلى جدار يعزله عن العالم الخارجي؟

تأثير الحماية المفرطة على نفسية الطفل

أمومة

منذ اللحظة التي يولد فيها الطفل، تبدأ الأم في الشعور بغريزة فطرية لحمايته. تراقب صحته، تخشى على سلامته، وتبذل كل جهدها لكي يكبر في بيئة آمنة. هذه الغريزة تمنح الطفل شعوراً بالثقة والطمأنينة، وهو عنصر أساسي لبناء شخصيته المستقبلية.

غير أن التحول من الحماية إلى السيطرة المطلقة قد يؤدي إلى أن يصبح الطفل معتمداً بشكل مفرط على الآخرين، مما يعيق قدرته على اتخاذ قراراته بنفسه.

أهمية منح الطفل الحرية في بناء شخصيته

على الجانب الآخر، يحتاج الطفل إلى مساحة من الحرية ليجرب ويخطئ ويتعلم. تعتبر الحرية المجال الذي يكتشف فيه الطفل ذاته، ويصقل مهاراته، ويطور قدرته على مواجهة التحديات. قد تبدو الحرية في البداية مغامرة غير مضمونة النتائج، لكنها في الحقيقة تمثل اللبنات الأساسية لبناء شخصية واثقة ومستقلة.

كيف تحدد الأم حدود الحرية بشكل صحي ومتوازن؟

إن التوازن بين الحماية والحرية ليس هدفاً يُحقق من خلال قواعد صارمة، بل يتطلب وعياً ومرونة من الأم. على سبيل المثال:
شراب التوت الحلقة 103

  • يمكنها السماح لطفلها باللعب في الخارج، لكن مع وضع حدود واضحة للوقت والمكان.
  • تشجيعه على اتخاذ قرارات بسيطة تناسب عمره، مثل اختيار ملابسه أو هواياته، مع كونها حاضرة لدعمه عند الحاجة.
  • تمنحه الفرصة للتجربة، حتى لو أخطأ، وتحويل تلك الأخطاء إلى دروس يتعلم منها بدلاً من حمايته من كل تجربة.

الأم الحكيمة… حضور يطمئن ولا يقيّد

الأم الحكيمة تدرك أن طفلها ليس ملكاً لها، بل هو روح مستقلة تستحق أن تُنمّى وتُهيأ لمواجهة الحياة. هي التي تمنحه الحرية تحت مظلة الأمان، وتضع له حدوداً من الحب لا من الخوف.

التوازن بين الحماية والحرية ليس مهمة تُنجز في يوم واحد، بل هي رحلة طويلة تتغير مع مراحل نمو الطفل. كلما نجحت الأم في تحقيق هذا التوازن، ساعدت طفلها على أن ينمو قوياً، واثقاً بنفسه، مدركاً أن وراءه سنداً يحميه، وأمامه فضاءً يُفتح له أبواب الحياة.