الموسيقى وذاكرة الدراما: روابط عاطفية عميقة

عندما يتردد لحن معين في أذهاننا، ليعيدنا تلقائيًا إلى لحظة درامية عالقة في الذاكرة، ندرك بوضوح أن الموسيقى ليست مجرد خلفية، بل جزء لا يتجزأ من القصة نفسها. فكل نغمة، وكل لحن يحمل في طياته مشاعر عميقة وروابط عاطفية تجعلنا نتذكر الأحداث والشخصيات بشكل أكثر وضوحًا.
الأعمال الدرامية والموسيقى: ذاكرة مشتركة
يمتلك الجمهور ذاكرة مليئة بالأعمال الدرامية التي ارتبطت بهويات سمعية مميزة، حيث كانت هذه الهوية بمثابة الجسر العاطفي نحو الأحداث والشخصيات. من "صح النوم" و"الخوالي" إلى "نهاية رجل شجاع" و"عشتار"، مرورًا بـ"التغريبة الفلسطينية"، و"بقعة ضوء"، و"جميل وهناء"، وصولًا إلى "الندم" و"الزند". في كل هذه الأعمال، كانت الموسيقى تلعب دورًا محوريًا كحامل للوجدان ومثير للحنين، لتكون فنية لا تقل أهمية عن النص والكاميرا.
رضوان نصري: سر الارتباط بين الموسيقى والذاكرة
يؤكد الموسيقار السوري رضوان نصري أن الجمهور يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالهوية السمعية للأعمال الدرامية. ويعزى ذلك إلى أن الذاكرة السمعية قوية جدًا، حيث ترتبط بالإحساس والعاطفة، مما يسمح لنا بتذكر مواقف معينة من خلال لحن أو أغنية تذكّرنا بها.
اللحن كمرآة للمشاعر
يتحدث نصري عن سر خلود موسيقى الأعمال الدرامية، موضحًا أن الموسيقي يستطيع تجسيد مشاعر الناس وتحويلها إلى نغمات، مما يترك أثرًا عاطفيًا عميقًا لدى الجمهور. اللحن الجميل يصبح مرتبطًا بشخصيات العمل، ويصبح جزءًا من ذاكرتهم، مشددًا على أن الموسيقى التصويرية تمثل امتدادًا طبيعيًا لسرد القصة.
رحلة اللحن عند رضوان نصري
بالنسبة لأسلوبه في صناعة الألحان، يقول رضوان نصري إنه يبدأ بتلحين النص من لحظة كتابته، حيث يسعى دائمًا إلى تبادل الأفكار مع المخرج. ويعتبر حضور عمليات التصوير والمونتاج أمرًا ضروريًا لتعزيز الإلهام الموسيقي.
الانكسار الحلقة 56
وفيما يتعلق بتدخل الكاتب في بناء اللحن، يوضح نصري أن ذلك نادر الحدوث، إلا إذا كان المشهد مكتوبًا بناءً على أغنية أو لحن معين، بينما يملك المخرج هامشًا أكبر من التدخل في الألحان، قد تصل نسبته إلى 30%.
كيف يوقظ الموسيقي اللحن في قلوب الناس؟
يُشير نصري إلى أن الأذواق الموسيقية تختلف من شخص لآخر، لذا فإن مهمة الموسيقي تكمن في تقريب الآلات الموسيقية المختلفة للجمهور من خلال طريقة العزف. ولكنه يلاحظ أن ارتباط الناس بشارات الأعمال الدرامية اليوم بات نادرًا، حيث أصبحت معظم الشارات تعتمد على الأغاني العادية التي قد لا ترتبط بقصة العمل بشكل وثيق.
الشارة الموسيقية مقابل الشارة المغناة
يؤكد رضوان نصري على أن الشارة الموسيقية تُعتبر أكثر أهمية من الشارة المغناة، مشددًا على أن الابتكار في غناء التتر جاء لسرعة الاقتراب من الناس، خاصة عندما تكون الكلمات مؤثرة، لكن تبقى الشارة الموسيقية هي الأهم، كما هو الحال في العديد من الأعمال العالمية.
رضوان نصري: ذكريات موسيقية لا تُنسى
من بين الأعمال القريبة إلى قلبه، يبرز مسلسل "نزار قباني"، الذي يعتبره نقطة تحول تاريخية في الدراما السورية. كما يستذكر نصري بعض الأعمال التي تحمل موسيقاها أثرًا في ذاكرته مثل "أهل الغرام" و"هذي الروح". ويعبر عن أسفه لأن ذاكرة الموسيقى توقفت عند بعض الأعمال مثل "يمر بي طيفها" و"الندم".