نظافة الفم: درعك ضد سرطان الرأس والرقبة

في عالم الطب الحديث، تتوالى الاكتشافات العلمية التي تفتح لنا آفاقًا جديدة لفهم الروابط بين صحتنا اليومية والأمراض المزمنة. ومن بين تلك الاكتشافات، جاء تقرير جديد يسلط الضوء على العلاقة المدهشة بين نظافة الفم وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة. تبرز أهمية العناية بالفم واللثة، ليس فقط لتحقيق الابتسامة الجميلة، ولكن كدرع وقائي ضد الأمراض الخطيرة.

ما هي العلاقة بين نظافة الفم وسرطان الرأس والرقبة؟

أكدت دراسة حديثة، نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أن الباحثين في جامعة نيويورك قد توصلوا إلى روابط قوية بين عدم الاهتمام بنظافة الفم، مثل التقصير في تنظيف الأسنان واستخدام الخيط، وزيادة خطر الإصابة بأمراض خطيرة، بما في ذلك سرطان الرأس والرقبة.

فقد أظهرت الدراسة أن وجود كميات كبيرة من البكتيريا الضارة في الفم، والتي ترتبط عادة بأمراض اللثة، يمكن أن تؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة، مثل السرطان، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم. وكان من المثير أن العلماء تمكنوا من تحديد أنواع محددة من البكتيريا التي تلعب دورًا محوريًا في تطور سرطان الرأس والرقبة.
التوت الأسود الحلقة 4

البكتيريا وتأثيرها الفتاك

استخدم العلماء عينات من لعاب آلاف المشاركين في الدراسة، ليكتشفوا أكثر من 12 نوعًا من البكتيريا التي تزيد بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية، وهو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان الرأس والرقبة. هذه الخلايا تغطي بطانة الفم والأنف والحنجرة، مما يجعلها عرضة للإصابة.

حتى الآن، تبقى الآلية الدقيقة التي تجعل هذه البكتيريا تزيد من خطر الإصابة بالسرطان غير واضحة تمامًا. ولكن الباحثين يعتقدون أن هذه البكتيريا قد تسبب التهابات مزمنة في الفم، مما يؤدي إلى تغييرات في الخلايا، مما يزيد من احتمالية تحولها إلى خلايا سرطانية. ويشير العلماء إلى أن هذه البكتيريا قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية بنسبة تصل إلى 50%.

الأهمية الصحية لنظافة الفم

يؤكد الباحثون على ضرورة تعزيز عادات النظافة الفموية الجيدة، والتي تشمل تنظيف الأسنان مرتين يوميًا، واستخدام الخيط، وزيارة طبيب الأسنان بشكل دوري. وفي هذا السياق، قال البروفيسور ريتشارد هايز، أحد المشاركين في الدراسة: "تقدم نتائجنا سببًا آخر للحفاظ على عادات نظافة الفم الجيدة. إن تنظيف الأسنان بالفرشاة واستخدام الخيط قد لا يحمي فقط من أمراض اللثة، بل قد يكون له تأثير وقائي ضد سرطان الرأس والرقبة."

تدعم سويونغ كواك، المؤلفة الرئيسية للدراسة، هذا الرأي، مشددة على أهمية فهم العلاقة بين ميكروبيوم الفم وسرطانات الرأس والرقبة. وتعتبر هذه البكتيريا بمثابة علامات حيوية قد تساعد الأطباء في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.

خطوات للوقاية

يسعى الباحثون في المرحلة المقبلة إلى دراسة هذه الآلية بشكل أعمق، وفهم الطرق التي يمكن أن تؤدي من خلالها البكتيريا إلى السرطان. كما يأملون في تطوير اختبارات مبكرة للكشف عن الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة، بناءً على أنواع البكتيريا الموجودة في أفواههم.

ختامًا: أهمية النظافة الفموية

تؤكد هذه النتائج مجددًا على أهمية الحفاظ على عادات نظافة الفم الجيدة، مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يوميًا، واستخدام الخيط، والزيارات المنتظمة لطبيب الأسنان. إن العناية بصحة الفم ليست مجرد خطوة جمالية، بل هي استثمار في صحتك العامة، فقد تساعد على الوقاية من أمراض خطيرة مثل السرطان.