جيناتنا وسكرياتنا: دراسة جديدة تكشف العلاقة
في عالم التغذية، يتبين لنا أن حبنا للأطعمة الحلوة ليس مجرد مسألة ذوق، بل هو مرتبط أيضًا بجيناتنا. فقد أظهرت دراسة علمية حديثة ارتباطًا وثيقًا بين التفضيلات الغذائية للأشخاص وبين جيناتهم.
فريق دولي من الباحثين أجرى دراسة عميقة توصل خلالها إلى أن هناك اختلافات وراثية تؤثر بشكل ملحوظ على قدرة الأفراد على هضم السكريات. هذه الاختلافات تؤثر بشكل مباشر على الكميات التي نتناولها من الأطعمة الحلوة، مما يجعلنا نتساءل: هل نحن نحب السكر حقًا، أم أن جيناتنا هي التي تقرر ذلك؟
أنا بنت أبي الحلقة 156
الطفرات الجينية وتأثيرها على الهضم
المفتاح لفهم هذا الارتباط يكمن في جين يُعرف باسم "السكراز-إيزومالتاز" (SI). يلعب هذا الجين دورًا مركزيًا في إنتاج إنزيم يساعدنا على هضم السكر العادي (السكروز) والمالتوز، وهو نوع آخر من السكر يتواجد في الحبوب.
أظهرت الدراسات أن الطفرات الجينية في هذا الجين تؤدي إلى صعوبات في هضم السكريات، مما يجعل الأشخاص الحاملين لهذه الطفرات أقل رغبة في تناول الأطعمة الغنية بالسكر مقارنة بأولئك الذين يمتلكون جين SI يعمل بشكل طبيعي.
دراسة على الفئران والبشر تؤكد النتائج
للتأكد من صحة هذه النتائج، قام الباحثون بإجراء تجارب على فئران تفتقر إلى جين SI. وكانت النتائج مثيرة للاهتمام؛ حيث لوحظ أن هذه الفئران قللت بشكل ملحوظ من استهلاكها للسكر، وأظهرت تفضيلًا أقل للأطعمة الحلوة.
كما أكدت التحليلات التي أجريت على البشر النتائج، حيث أظهرت أن الأشخاص الذين لديهم قدرة محدودة على هضم السكر يستهلكون كميات أقل من السكريات بشكل ملحوظ. شملت الدراسة تحليل بيانات جينية لأكثر من 135 ألف شخص في المملكة المتحدة و6000 شخص في غرينلاند.
آثار هذه الدراسة على صحتنا
الدكتور بيتر ألديز، قائد فريق البحث في جامعة نوتنغهام، أفاد بأن هذه النتائج العلمية تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين جيناتنا وتفضيلاتنا الغذائية، خصوصًا فيما يتعلق بالسكريات. وأوضح أن الاختلافات الجينية في القدرة على هضم السكر تؤثر بشكل مباشر على الكميات التي نتناولها.
كما عبر ألديز عن أمله في أن تسهم هذه الاكتشافات في تطوير استراتيجيات صحية تهدف إلى الحد من استهلاك السكر الضار، مما سيساعد في مكافحة الأمراض التي ترتبط بارتفاع نسبة السكر في الدم، مثل السمنة وأمراض القلب والسكري.
تشير هذه الدراسة، وفقًا لما ورد في صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أن جيناتنا تلعب دورًا حاسمًا في تحديد ميولنا للأطعمة الحلوة وقدرتنا على هضم السكريات. كما تفتح هذه النتائج الأبواب أمام أبحاث مستقبلية تهدف إلى تطوير طرق جديدة للوقاية من الأمراض المرتبطة بتناول السكر الزائد.