-

تربية الأطفال بأسلوب إنساني وإيجابي

تربية الأطفال بأسلوب إنساني وإيجابي
(اخر تعديل 2025-07-06 09:11:32 )
بواسطة

هل تجدين نفسك تكررّين الجملة نفسها: "إذا فعلت ذلك مرة أخرى، فلن تحصلي على الآيباد!" أو "إلى غرفتك، وفكري في تصرفك!" ثم تفاجئين بأن السلوك ذاته يتكرر؟ لا تقلقي، فأنتِ لستِ وحدكِ. كثير من الأمهات يجدن أنفسهن عالقات في دوامة العقوبات والتهديدات، رغم رغبتهن في تربية أطفال يتمتعون بالثقة والاستقلالية والاتزان العاطفي.

في هذا المقال، سنعرض لكِ منهجًا بديلًا للتأديب، يعتمد على أسلوب أكثر إنسانية وفعالية، دون صراخ أو تهديد. هذا المنهج مستند إلى مقاربة علمية طرحتها د. بيكي كينيدي، أخصائية علم النفس الإكلينيكي، عبر منصة Good Inside. بدلاً من التركيز على العقوبات، هذا النموذج يركز على فهم جذور السلوك وبناء مهارات التنظيم العاطفي لدى الأطفال على المدى الطويل.

أولاً: لماذا "يسيء" الطفل السلوك؟

طفل يعبر عن مشاعره

كلما زاد توتر طفلكِ، سواءً من خلال الصراخ أو إلقاء الأشياء، فإنه يحمل رسالة غير منطوقة: "هناك شعور بداخلي لا أستطيع التحكم فيه، وأحتاج لمساعدة". كينيدي تؤكد أن ما نراه من "سلوك سيئ" يعد علامة على أن الطفل خارج السيطرة، وليس بالضرورة متعمّدًا للعصيان أو التمرد. الأطفال يولدون بمشاعر كاملة، لكنهم يفتقرون إلى المهارات اللازمة لتنظيمها، مما يؤدي إلى ظهور التوتر والغضب في شكل سلوكيات مزعجة.

ثانيًا: لماذا لا تنجح العقوبات؟

عندما يعاني الطفل من نقص في مهارة مثل السباحة، هل نصرخ فيه ونهدده لأنه لا يعرف السباحة؟ بالطبع لا، بل نعلمه كيف يقوم بذلك. نفس المنطق ينطبق على السلوك. العقوبات قد تؤدي إلى طاعة مؤقتة، لكنها لا تعلّم الطفل كيفية إدارة مشاعره أو اتخاذ قرارات أفضل. بل قد تزرع بداخله شعورًا بالخجل أو الذنب أو الخوف من الفشل، مما يؤدي إلى المزيد من الكذب أو التملص أو العناد في المستقبل.

ثالثًا: كيف نؤدّب من دون عقاب؟

تقدم كينيدي بديلًا فعّالًا يتكوّن من خطوتين أساسيتين للتدخل عند حدوث سلوك غير مقبول:
حلم أشرف الحلقة 14

1. ترسيخ الأمان

عندما يُظهر الطفل سلوكًا خاطئًا، فهو يختبر قدرته على السيطرة. في هذه اللحظة، يحتاج الطفل إلى الشعور بأن مشاعره لا تُخيفكِ، وأنكِ قادرة على احتوائه بحزم وهدوء. قولي بوضوح: "لن أسمح لك بأن تضرب." وإذا لزم الأمر، يمكنك التدخل جسديًا بهدوء: "سأحملك حتى يهدأ جسدك."

2. تأكيد صلاحه الداخلي

بعد تحديد الحدود، من المهم منح الطفل رسائل تدعم صورته الإيجابية عن نفسه. قولي له: "أعلم أنك طفل طيب تمر بلحظة صعبة." هذه العبارات تفصل السلوك عن هوية الطفل، مما يمنحه مساحة للتطور بدلاً من الانكماش تحت وطأة الشعور بالذنب.

مثال تطبيقي

إذا قام طفلكِ برمي المكعبات على أخيه، بدلًا من قول: "لن تشاهد التلفاز اليوم!"، يمكنك تجربة الآتي:

ترسيخ الأمان: "لن أسمح لك بأن ترمي الأشياء على أخيك. سأجلس بجانبك الآن حتى تهدأ."

تأكيد الصلاح: "أعرف أنك لا تقصد الأذى، فقط كنت غاضبًا جدًّا ولم تعرف كيف تعبّر عن ذلك."

ثلاث أفكار رئيسة يجب استحضارها:

  • السلوك الخارج عن السيطرة ناتج عن مشاعر غير مُنظّمة.
  • العقاب لا يعلّم، بل يُخيف ويشوّه العلاقة.
  • البديل هو تحديد الحدود مع تأكيد الحب والصلاح الداخلي.

الأم الواعية لا تسعى للكمال، بل تتعلم، وتجرّب، وتصلح المسار عند الحاجة. ولأنكِ هنا، تقرئين وتفكرين في بدائل أكثر إنسانية ورقيًا في التربية، فطفلكِ محظوظ بكِ حقًا.