المد الأحمر في الأرجنتين: ظاهرة طبيعية غامضة

اجتاحت "المد الأحمر" المذهل العديد من شواطئ المحيط الأطلسي في الأرجنتين، مما أثار تساؤلات عديدة بين السكان المحليين حول الظاهرة. هذه الظاهرة الطبيعية التي تتكرر، تحمل في طياتها الكثير من الغموض والتساؤلات.

الطحالب الحمراء: ظاهرة طبيعية شائعة

في عدة منتجعات ساحلية، مثل مار ديل بلاتا، التي تبعد حوالي 420 كيلومترًا عن العاصمة بوينس آيرس، تم رصد الطحالب الحمراء وهي تغطي الشواطئ. وقد أدى ذلك إلى انبعاث رائحة غير مستحبة بعد تعرضها لأشعة الشمس لفترة قصيرة، مما أزعج المصطافين الذين كانوا يستمتعون بأوقاتهم على الرمال.

ريكاردو سيلفا، عالم الأحياء البحرية في المعهد الوطني للأبحاث المتعلقة بالصيد والتنمية (إينيديب)، أكد في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية أن هذه الظاهرة تعتبر جزءًا من "الظواهر الطبيعية". وأوضح أن الطحالب الكبيرة المعروفة محليًا باسم "أريبازونيس" عادةً ما تلتصق بالصخور تحت سطح البحر، وقد تنفصل بفعل الأمواج القوية وتدفعها التيارات البحرية نحو الشاطئ.

هل المد الأحمر مرتبط بالتغير المناخي؟

بينما تزداد شيوع هذه الظاهرة خلال أشهر الصيف، إلا أن هذا الموسم شهد زيادة ملحوظة في انتشارها، مما يثير تساؤلات حول العلاقة بين المد الأحمر والتغير المناخي. سيلفا أشار إلى أن هذه الظاهرة ليست بالضرورة نتيجة للتغير المناخي، ولكنه أضاف أن مراقبة هذه الظاهرة على مدار سنوات قد تساعد العلماء على تحديد أي علاقة محتملة بين الرياح غير الاعتيادية القادمة من الشمال الشرقي وتفاقم هذه الظاهرة.

تلوث مائي في نهر ساراندي: هل هو تلوث صناعي؟

في وقت لاحق من هذا الشهر، أثارت صور أخرى لموجات المحيط الأطلسي التي بدت حمراء قلقًا جديدًا لدى السكان المحليين. فقد تغير لون نهر "ساراندي" في ضواحي بوينس آيرس إلى الأحمر القرمزي، مما أثار مخاوف المواطنين بشأن التلوث المستمر في المنطقة.

بعد إجراء وزارة البيئة في مقاطعة بوينس آيرس تحليلات مبدئية للنهر، تبين أن هناك "آثارًا لصبغة عضوية حمراء". هذا الأمر يشير إلى أن مصدر هذه المادة قد يكون الصناعات التي تستخدم هذه الصبغة في عملياتها، مثل مصانع المدابغ والمنتجات الزراعية والمنسوجات.
القدر الحلقة 43

السلطات أعلنت أنها بصدد تفتيش المنشآت الصناعية التي قد تكون مسؤولة عن هذا التلوث، مما يعكس الحاجة الملحة لمراقبة الأنشطة الصناعية.

استبعاد التسمم البكتيري

في الوقت نفسه، أجرت وزارة البيئة تحليلات إضافية استبعدت وجود أي بكتيريا زرقاء سامة قد تكون تسببت في هذه الظاهرة. وأكدت السلطات المحلية أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف المصدر الدقيق للتلوث.

تحديات بيئية تلوح في الأفق

تمثل ظاهرة "المد الأحمر" في الأرجنتين وتلوث نهر ساراندي مثالين بارزين على التحديات البيئية التي تواجهها البلاد. بينما يثير المد الأحمر قلقًا بشأن تأثيراته المحتملة على البيئة البحرية والسياحة المحلية، فإن التلوث المائي يشير إلى ضرورة ملحة لمراقبة أكثر صرامة للأنشطة الصناعية لحماية البيئة.