-

استعادة التركيز في عالم مليء بالتشتت

استعادة التركيز في عالم مليء بالتشتت
(اخر تعديل 2025-06-24 07:11:35 )
بواسطة

هل تجدين صعوبة في إنهاء مهمة ما أو قراءة كتاب دون أن تتعرضي لمقاطعة؟ هل تتوجهين بشكل تلقائي إلى هاتفك أو تطبيقات التواصل الاجتماعي كلما شعرت بالملل أو التوتر؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فأنتِ ليستِ وحدكِ في هذا التحدي.

تشير دراسة طويلة المدى نشرت عبر موقع MedicalXpress إلى أن متوسط مدة التركيز أمام شاشة واحدة قد انخفض بشكل مثير، ليصل إلى 47 ثانية فقط، بعدما كان 2.5 دقيقة في عام 2004.

هذا الانخفاض الحاد في القدرة على التركيز والانتباه يرتبط بعدد من العوامل، أبرزها التعرض المستمر للمعلومات والأخبار المتلاحقة على مدار الساعة، بالإضافة إلى الشعور الدائم بعدم اليقين والضغوط النفسية التي نعاني منها يوميًا، إلى جانب الإفراط في استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.

كيف فقدنا قدرتنا على التركيز؟

تشتت التركيز

يمتلك الدماغ البشري قدرات فطرية تجعله مبرمجًا لمراقبة البيئة والانتباه للتغيرات السريعة، كوسيلة للبقاء. في الماضي، كانت هذه القدرة تهدف إلى النجاة من المخاطر المفاجئة أو المفترسات. أما اليوم، فقد أصبحت التنبيهات المستمرة من الهواتف الذكية، والإشعارات المتواصلة، وتدفق الأخبار السريع، هي العوامل التي تستنزف انتباهنا وتؤدي إلى تشتت ذهني دائم.

لم يقتصر الأمر على التكنولوجيا فقط، بل تسببت جائحة كورونا في تغييرات جذرية في أنماط حياتنا، حيث تضاعفت ساعات الجلوس أمام الشاشات، مما أدى إلى تشويش الإحساس بالزمن وزيادة ضعف التركيز وصعوبة الاستمرار في حالة ذهنية ثابتة.

ومع ذلك، يؤكد الدكتور مايكل زيفرا، الطبيب النفسي في مركز "نورث وسترن" الطبي، أن استعادة القدرة على التركيز ممكنة، حيث أشار إلى أن العديد من مرضاه الذين شعروا بالعجز تجاه هذه المشكلة تمكنوا من تحسين قدرتهم على الانتباه عبر تعديلات بسيطة في نمط حياتهم وسلوكهم اليومي.

طرق فعالة لتحسين التركيز والانتباه

تحسين التركيز

في عصر تسيطر فيه الإشعارات والمهام المتداخلة على يومنا، يصبح من الضروري تعلم طرق لتحسين التركيز وتعزيز الانتباه.

يقدم الخبراء مجموعة من الاستراتيجيات البسيطة التي تساعد في تدريب العقل على التخلص من التشتت الذهني وزيادة القدرة على الإنجاز.

1. فترات راحة نشطة

تشير الدراسات إلى أن الدماغ يحتاج إلى فترات قصيرة من الراحة النشطة ليستعيد قدرته على التركيز. يجب ألا تتجاوز فترة الراحة 30 دقيقة، ويفضل أن تكون نشاطًا حسيًا أو حركيًا، مثل المشي في الهواء الطلق أو تحضير وجبة خفيفة أو التحدث مع شخص مقرب.

تجنبي التمرير العشوائي في الهاتف، فهو لا يُريح العقل، بل يُغرقه في المزيد من المشتتات. يُفضل أيضًا إغلاق التنبيهات غير الضرورية واستخدام وضع "عدم الإزعاج"، خاصة عند النوم، بل وحتى وضع الهاتف في غرفة منفصلة إن أمكن.

استراتيجيات التركيز

2. لا تقومي بأكثر من مهمة في آن واحد

على الرغم من الاعتقاد السائد بأن تعدد المهام يزيد الإنتاجية، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن أداء المهام المتزامنة يشتت العقل ويقلل من جودة العمل. ركزي على مهمة واحدة فقط، خصصي لها وقتًا محددًا، ثم خذي استراحة بسيطة قبل الانتقال إلى غيرها.

3. ضعي هدفًا واضحًا لما تفعلينه

الهوايات مهمة، لكن الأهم هو أن ترتبطي بهدف واضح وراء ما تقومين به. سواء كنتِ تتعلمين العزف على آلة موسيقية أو تمارسين رياضة معينة، فإن وجود نية متعمدة وجهد منتظم يخلق شعورًا بالإنجاز ويحسن الانتباه تدريجيًا.
بارينيتي الحلقة 51

ابدئي بما يجذبك فعلًا، لا بما تعتقدين أنه "الأفضل". شاهدي فيلمًا تحبينه، أو ابدئي بقراءة قصيرة، ثم طوري هواياتك شيئًا فشيئًا. ولا تنسي أن تكوني لطيفة مع نفسك، فبعض الأيام ستكون مليئة بالإنجاز، بينما ستكون أخرى أقل إنتاجية، وهذا طبيعي.

التشتت تحدٍ عصري، لكنه قابل للتغيير

في عالمنا الرقمي المزدحم، لم يعد ضعف التركيز مشكلة شخصية فحسب، بل يمثل تحديًا يوميًا مشتركًا. ولكن من خلال تطبيق هذه النصائح الفعالة لتحسين التركيز والتخلص من التشتت، يمكنكِ استعادة سيطرتك على وقتك وعقلك، وخلق بيئة ذهنية أكثر صفاءً واستقرارًا.