النجاة من النوبة القلبية: خطوات للحفاظ على الصحة

النجاة من النوبة القلبية لا تعني بالضرورة أن الخطر قد انتهى، بل هي بمثابة جرس إنذار يُتيح لك فرصة جديدة لإعادة تقييم أسلوب حياتك. فالكثير من الأشخاص حول العالم قد تعرضوا لأزمات قلبية ونجوا منها دون أن يدركوا أن فرص الإصابة بنوبة قلبية ثانية تبقى قائمة، ما لم يتم إجراء تغييرات حقيقية وملموسة في نمط حياتهم اليومي.
الأعراض قد تكون خادعة، وقد يصعب على الشخص العادي تمييزها بسهولة، مما يجعل الوقاية من الأزمات القلبية أولوية قصوى.
عادات صحية تحميك من تكرار الأزمة القلبية

بعد النجاة من نوبة قلبية، يبدأ التحدي الحقيقي في منع تكرارها. يؤكد الدكتور سورابه ديشباندي، استشاري أمراض القلب في مستشفى Jaslok للأبحاث، أن هناك ثماني عادات صحية أساسية تُحدث فرقًا كبيرًا في الوقاية من النوبات القلبية، ويطلق عليها "أساسيات الحياة الثمانية".
1. التغذية الذكية: ابدأ من مطبخك
تلعب التغذية دورًا محوريًا في الوقاية من أمراض القلب، وتُعتبر من أهم العوامل التي تحد من مخاطر تكرار النوبة القلبية.
ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي متوازن يشمل الحبوب الكاملة، الخضراوات والفواكه الطازجة، والبروتينات النباتية مثل البقوليات وفول الصويا، إلى جانب الأسماك المشوية أو المطهية بطرق صحية.
في المقابل، يُنصح بتجنب الأطعمة المصنعة والدهون المتحولة، مع الحد من السكريات المضافة والمشروبات المحلاة التي ترفع من مستويات الالتهاب وتؤثر سلبًا على صحة القلب.

2. الحركة اليومية
تساهم ممارسة النشاط البدني بانتظام بشكل كبير في تعزيز صحة القلب وتقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية. يُوصى الخبراء بممارسة 150 دقيقة من التمارين المعتدلة أسبوعياً، مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة، أو أي نشاط يُساعد على تحريك الجسم وتحسين الدورة الدموية.
كما يُفضل للأشخاص الذين يتعافون من أزمة قلبية أن يبدأوا تدريجياً وببطء، ويفضل أن يكون ذلك ضمن برنامج متخصص يُعرف باسم "إعادة التأهيل القلبي"، والذي يتم تحت إشراف طبي لضمان الأمان والفعالية.

3. وداعًا للتبغ
إذا كنت لا تزال تستخدم السجائر التقليدية أو الإلكترونية أو أي وسيلة تحتوي على النيكوتين، فقد حان الوقت لاتخاذ القرار الأهم: الإقلاع التام عن التبغ.
فالتدخين يُعتبر من أخطر عوامل الخطر لأمراض القلب، إذ يؤدي إلى تضييق الشرايين وزيادة ضغط الدم، مما يرفع بشكل كبير من احتمالية الإصابة بنوبة قلبية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُسبب التدخين وفاة أكثر من مليون شخص سنويًا بسبب أمراض القلب المرتبطة به.

4. نوم عميق
لا يقتصر تأثير قلة النوم على الحالة النفسية والمزاج، بل يمتد ليؤثر بشكل مباشر على صحة القلب. يؤكد الأطباء أهمية الحصول على 7 إلى 9 ساعات من النوم العميق يوميًا لدعم وظائف القلب.
تُعتبر اضطرابات النوم مثل الأرق وانقطاع التنفس أثناء النوم من العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة التوتر على عضلة القلب، مما يُضاعف احتمالية التعرض لنوبة قلبية.
5. الحفاظ على وزن صحي
الوزن الزائد لا يؤثر فقط على المظهر الخارجي، بل يُشكّل عبئًا حقيقيًا على القلب ويزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع الثاني، وهما من أبرز عوامل الخطر المؤدية إلى النوبات القلبية.
ليلى مدبلج الحلقة 186

6. التحكم بالكوليسترول
الكوليسترول ليس عدواً مطلقًا، بل هو عنصر ضروري للجسم إذا بقي ضمن المعدلات الطبيعية. لكن عند ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL)، تبدأ الترسبات بالتراكم داخل الشرايين التاجية، مما يزيد من خطر تكرار النوبة القلبية بشكل كبير.
في المقابل، يُعتبر الكوليسترول الجيد (HDL) خط الدفاع الأول عن القلب، حيث يساعد في إزالة الكوليسترول الضار من مجرى الدم.

7. مراقبة مستوى السكر في الدم
يُعد السكري من أخطر العوامل المرتبطة بزيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية.
للوقاية، من الضروري الحفاظ على مستويات السكر ضمن المعدلات الطبيعية، خاصة من خلال مراقبة فحص HbA1c الذي يُظهر متوسط السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

8. ضبط ضغط الدم
يُعرف ارتفاع ضغط الدم بـ"القاتل الصامت"، لأنه قد يتطور بدون أعراض واضحة، لكنه يُشكل خطرًا حقيقيًا على القلب وقد يؤدي إلى نوبة قلبية مفاجئة.
لا تهمل الدواء: التزامك يحميك من الانتكاسة
وسط كل التغييرات الصحية ونمط الحياة الجديد، يبقى الالتزام بالأدوية الموصوفة من الطبيب أمرًا لا يقبل التهاون. سواء كانت مضادات للتجلط، أو منظمات لضغط الدم، أو علاجات للسكري والكوليسترول، فإن التوقف عنها دون استشارة طبية قد يؤدي إلى عودة الخطر من جديد.
العلاج من النوبة القلبية لا يتوقف عند مغادرة المستشفى، بل يبدأ من هناك، بوضع بداية جديدة تتطلب وعياً والتزاماً. هذه العادات الثماني ليست مجرد نصائح، بل أدوات حياة. باستخدامها بانتظام، يمكنك تقليل خطر النوبة التالية.