-

حكايات نابليون بونابرت في مصر الحديثة

حكايات نابليون بونابرت في مصر الحديثة
(اخر تعديل 2024-12-20 22:11:18 )
بواسطة

يقدم كتاب "حكايات في تاريخ مصر الحديث" للباحث الأكاديمي الدكتور أحمد عبد ربه لمحة شاملة عن الفترات الهامة في تاريخ مصر المعاصر، مع التركيز على تجربة نابليون بونابرت خلال فترة احتلاله لمصر. هذا الكتاب يعد مرجعًا مهمًا لفهم كيفية تأثير تلك الحقبة على المسار التاريخي للبلاد.

يتناول الكتاب بالتفصيل الحملة العسكرية التي قادها نابليون بغرض احتلال مصر، كجزء من الصراع الأوسع بين فرنسا وإنجلترا من أجل بسط النفوذ العالمي. ويسلط الضوء على الأحداث التي شهدتها شواطئ الإسكندرية في يوليو/تموز عام 1798، عندما وصل الأسطول الفرنسي إلى المدينة.

بداية الحملة الفرنسية في مصر

عندما وطأت أقدام نابليون أرض مصر، كان أول ما قام به هو طلب لقاء القنصل الفرنسي في الإسكندرية، محمد كُريِّم، من أجل تقييم الأوضاع العسكرية والسياسية قبل تنفيذ عملية الإنزال. ورغم أن كُريِّم كان مترددًا في البداية، إلا أنه وافق على الاجتماع بعد ذلك، مشددًا على ضرورة سرعة إنزال القوات لمواجهة أي احتمالات لتحصين المدينة من قبل العثمانيين. ومع ذلك، سرعان ما تلاشى الضعف الذي عانت منه المماليك، وتمكن الفرنسيون من السيطرة على الإسكندرية بسهولة.

سياسة نابليون بين العنف والدهاء

بعد أن استولى الفرنسيون على الإسكندرية، طلب نابليون من محمد كُريِّم الدعم في حربه ضد المماليك، مدعيًا أنه يسعى لحماية السلطة العثمانية. ولكن مع بداية التعاون بينهما، بدأ كُريِّم بدوره في التحريض ضد الاحتلال، مما أدى إلى محاكمة نابليون له وإعدامه رمياً بالرصاص في القاهرة. كانت سياسة نابليون تتأرجح بين القسوة والحنان، حيث كان يظهر الاحترام للمصريين والدولة العثمانية، لكنه لم يتردد في استخدام القوة والعنف عند الضرورة.
صدف الحلقة 9

القسوة والرحمة... سياسة نابليون تجاه الجنود والمواطنين

من القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها نابليون كانت فرضه سياسة الامتناع عن شرب الخمر بين جنوده، احترامًا للثقافة المصرية؛ حيث اضطر الجنود إلى تدخين الحشيش بدلاً من ذلك. ولكن بعد أن تبينت الآثار السلبية لاستخدام الحشيش، أصدر نابليون أمرًا بمنعه وسمح للجنود بصنع الخمور محليًا في ثكناتهم.

علاوة على ذلك، بعد حادثة سرقة وقتل وقعت في الإسكندرية، اتخذ نابليون قرارًا بعقاب الجنود المتورطين بالقتل أمام بقية الجيش، مما أظهر استعداده للحفاظ على الانضباط العسكري.

إعادة تنظيم الإسكندرية وتعامل نابليون مع الأهالي

في مستهل توليه الأمور في الإسكندرية، وضع نابليون نظامًا جديدًا يضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية، وأصدر قرارًا يحظر دخول الجنود الفرنسيين إلى المساجد. كما حافظ على النظام القضائي الشرعي، وضم المشايخ والأعيان في مجلس بلدي لمتابعة احتياجات السكان. ومع ذلك، فرض عقوبات قاسية على القرى التي لم تلتزم بالولاء للقوات الفرنسية، حيث كانت تُحرق القرى التي تنتفض ضد الاحتلال.

التأثير العميق على المجتمع المصري

رغم محاولات نابليون للتقرب من المصريين عبر سياساته، إلا أن ممارساته القاسية كانت تعكس طموحه في فرض هيمنة كاملة على البلاد. من خلال هذه الحملة، حاول نابليون تقديم نفسه كمخلص للمصريين من حكم المماليك، لكنه في ذات الوقت فرض شروطًا صارمة على الشعب المصري لضمان ولائهم الكامل له وللعثمانيين.