تعليم الأطفال أهمية المشاركة بشكل صحيح
تعتبر حماية الشخص لممتلكاته وأشيائه الخاصة من الأسس الفطرية التي تتميز بها البشرية، بغض النظر عن عمر الفرد. ومع ذلك، يواجه الأطفال في أحيان كثيرة ضغوطًا من والديهم أو مقدمي الرعاية لمشاركة أشيائهم مع الآخرين، وهو ما قد يتعارض مع طبيعتهم الفطرية.
ففي عيون الطفل، يعد التمسك بممتلكاته سلوكًا طبيعيًا، بينما ينظر الكثير من الآباء إلى هذا السلوك على أنه أنانية. يعد مفهوم المشاركة أمرًا شائكًا، حيث يعتقد معظم الآباء أن المشاركة المستمرة هي الخيار الصحيح. في هذا المقال، سنقوم بتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول المشاركة، ونقدم نصائح حول كيفية تعليم طفلك فن المشاركة في الأوقات المناسبة.
لماذا يرفض طفلك المشاركة؟
الأطفال في مراحلهم المبكرة ينظرون إلى العالم من منظور ذاتي للغاية، مما يجعل فكرة أن الأشياء يمكن أن تكون "للآخرين" أو يمكن مشاركتها مع الآخرين أمرًا جديدًا وصعب الفهم. في هذه المرحلة، يبدأ الطفل في تطوير شعور أكبر بالاستقلالية، وهو ما يدفعه لتحدي الحدود والتعبير عن رغباته بطرق قد تبدو عنيدة.
علاوة على ذلك، يتطلب مفهوم المشاركة إدراك مشاعر الآخرين، وهو أمر لا يتطور عادةً حتى عمر الثالثة. لذا، إذا كان طفلك يرفض مشاركة ألعابه أو يصرخ "هذا لي!"، فلا داعي للقلق، فهو يتصرف بطريقة طبيعية، ويجب أن ندرك حقه في ذلك. يمكن تعليم الطفل المشاركة في الوقت المناسب وبالطرق المناسبة.
هل يجب أن أُجبر طفلي على المشاركة؟
الإجابة هي: لا، يجب عدم إجبار الطفل على المشاركة. يجب أن تكون الأولوية لحماية شعور الطفل، حيث يعتمد على الأمان والثقة التي توفرها له. إذا كان الطفل يشعر بأن ممتلكاته محمية، فإنه سيشعر بالراحة في التواصل مع الآخرين ومشاركتهم في الوقت المناسب.
ما الذي يمكن لطفلك مشاركته؟
يمكنك تعليم طفلك كيفية مشاركة بعض الأشياء التي تعزز قيم المشاركة دون المساس بممتلكاته الشخصية. فكما لا يمكنك مشاركة ملابسك أو مستحضرات تجميلك، فإن لطفلك الحق في عدم مشاركة أشيائه. ومع ذلك، هناك بعض الأنشطة والأشياء التي يمكن تعليم الطفل مشاركتها:
مشاركة الطعام
تعليم طفلك مشاركة طعامه مع الآخرين يعزز فيه قيم الرحمة والعطف. فمشاركة الطعام تعني الكثير في مختلف الثقافات، حيث تعكس الخير والدعم لمن يحتاجه. من خلال هذه المشاركة، يمكن غرس شعور بأن وجبة واحدة يمكن أن تكفي لأكثر من شخص، مما يُعزز المحبة والتعاطف في قلوب الأطفال.
مشاركة اللعب والنشاطات
بينما قد لا يمكنك مشاركة أغراضك الشخصية، يمكنك مشاركة اللحظات الجميلة مع أصدقائك، مثل الخروج معهم أو دعوة أحدهم لمشاهدة فيلم. يجب تعليم الطفل أن مشاركة ألعابه مع أصدقائه لغرض الاستمتاع هو أمر جيد، وأنه سيتلقى ألعابه في النهاية، حيث إنها ملكه.
تقدير ممتلكات الآخرين
غالبًا ما يشعر الأطفال أن كل ما يلمسونه هو ملك لهم، مما قد يؤدي بهم لأخذ ألعاب الآخرين دون إذن. هنا، يمكنك توجيه الطفل لفهم مفهوم الملكية، حيث يجب أن يتعلم احترام ممتلكات الآخرين واستئذانهم قبل اللعب بها. ويجب التركيز على تعليم الطفل قيمتين مهمتين:
- قيمة الشعور بالآخر: من خلال مقارنة مشاعر الطفل مع مشاعر الآخرين عندما لا يرغب في مشاركة ألعابه.
- قيمة المشاركة: حيث يقتنع الطفل بأنه إذا شارك الآخرين بعض ألعابه، فإنه سيستطيع اللعب بألعاب الآخرين، مما يعزز مفهوم التبادل.
تحذيرات يجب الانتباه إليها
يعتبر الطفل والديه مصدر الأمان بالنسبة له، ويمكن لتصرفات بسيطة تهدف إلى مجاملة الآخرين أن تسبب ضررًا نفسيًا للطفل. لذا، يجب الحذر من بعض التصرفات:
إجبار الطفل على المشاركة
إجبار الطفل على إعطاء ممتلكاته للآخرين، مهما كانت الأسباب، قد يجعله يشعر بفقدان قيمته الذاتية. هذا السلوك يمكن أن يترك آثارًا سلبية على شخصية الطفل، مما يجعله عرضة للإجبار في مجالات أخرى من حياته.
المساومات التي تُجبر الطفل ضمنيًا
مثل قول "دعه يلعب بها خمس دقائق ثم يعيدها"، هذه العبارات تؤدي إلى تربية الطفل على المساومة في أمور متعددة، مما قد يؤثر على علاقاته في المستقبل.
الإقناع المُلح
بعض الأمهات قد يلجأن إلى الإلحاح لإقناع أطفالهن، مما يجعل الطفل يشكك في أفكاره ومشاعره. هذا النوع من الضغط يمكن أن يؤثر على ثقة الطفل بنفسه على المدى الطويل.
في الختام، تذكري أنكِ الأم، وأنتِ البوصلة الأولى في حياة طفلك. يجب أن تعطي الأولوية لطفلك، ولا تدعي المجاملات تؤثر على بناء شخصيته ومبادئه. دعي طفلك يتعلم كيفية المشاركة بشكل صحي وسليم.
عائلة شاكر باشا الحلقة 4