-

التوازن بين التشابه والاختلاف في العلاقات

التوازن بين التشابه والاختلاف في العلاقات
(اخر تعديل 2025-03-13 11:35:31 )
بواسطة

غالبًا ما ننجذب إلى الأشخاص الذين يشاركوننا الاهتمامات والقيم ذاتها، حيث نعتقد أن هذا التشابه هو المدخل الرئيسي لتحقيق النجاح والاستقرار في العلاقات. ومع ذلك، هناك من يعتقد أن الاختلافات بين الشريكين قد تكون هي السر الحقيقي لنمو واستمرارية العلاقة. فهل التشابه هو الضمان الوحيد للسعادة العاطفية، أم أن البحث عن شخص يشبهنا قد يكون فخًا يقودنا إلى الرتابة والملل؟

التشابه بين الشريكين: استقرار أم ملل؟

تؤكد الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص أن وجود تشابه بين الشريكين في المبادئ الأساسية مثل القيم الثقافية والاجتماعية، وطريقة التفكير تجاه القضايا الكبرى في الحياة، يسهم في تقليل النزاعات ويجعل العلاقة أكثر انسجامًا. فالتماثل في الأسس الجوهرية يمنح العلاقة نوعًا من الثبات ويقلل من الخلافات الحادة التي قد تؤدي إلى تصدّعها.

لكن في المقابل، يمكن أن يتحول هذا التشابه المفرط إلى سيف ذي حدين، حيث يؤدي إلى روتين ممل يفتقر إلى التنوع والتحدي الفكري. عندما لا تكون هناك اختلافات جوهرية بين الشريكين، تتقلص الحاجة إلى النقاشات العميقة التي تعزز فهم كل طرف للآخر، مما يجعل العلاقة قد تفتقر إلى عنصر النمو والتطور. فالاختلافات تفتح آفاقًا جديدة، ودونها قد تتوقف العلاقة عند نقطة معينة، وتصبح مجرد تكرار للذات.

قوة الاختلاف: هل التضاد يجذب؟

على الجانب الآخر، يمكن أن يصبح الاختلاف بين الشريكين مصدر إلهام وتحفيز، حيث يسهم في تنوع وجهات النظر ويساعد كل طرف على رؤية الأمور من زوايا جديدة. تشير لانا قصقص إلى أن وجود اختلافات في طرق التفكير وأساليب حل المشكلات يجعل العلاقة أكثر ديناميكية، إذ يتعلم كل طرف من الآخر طرقًا جديدة للتعامل مع التحديات.
أمنية وإن تحققت الحلقة 529

كما أن اختلاف أنماط التفاعل مع الضغوط يعد ميزة قوية؛ حيث يمكن أن يكمل كل طرف الآخر بدلاً من أن ينعكس القلق أو التوتر بالطريقة نفسها على الطرفين. وعندما يكون الشريكان مختلفين، فهذا لا يعني بالضرورة التصادم، بل يمكن أن يكون الاختلاف عاملًا إيجابيًا يدفع كل منهما نحو التطور، سواء على المستوى الشخصي أو العاطفي.

لكن المفتاح هنا هو كيفية إدارة هذه الاختلافات، بحيث تصبح فرصة للنمو بدلاً من أن تكون مصدرًا للخلاف المستمر.

كيف نحقق التوازن بين التشابه والاختلاف؟

ترى قصقص أن سر العلاقة الناجحة يكمن في تحقيق توازن صحي بين الأمور المشتركة التي تشكل أساس العلاقة، والاختلافات التي تضيف إليها عنصر الإثارة والنمو. ولتحقيق ذلك، ينصح بالآتي:

  • تعزيز القواسم المشتركة وجعلها نقطة ارتكاز للعلاقة، بحيث تكون هناك أرضية صلبة من التفاهم والانسجام.
  • الاحتفاء بالاختلافات بدلاً من محاولة طمسها، فالتنوع يمكن أن يكون مصدر قوة بدلاً من أن يكون تهديدًا.
  • احترام استقلالية الطرف الآخر، فمن المهم أن يحافظ كل شريك على هويته الخاصة، دون أن يذوب تمامًا في شخصية الآخر.
  • ممارسة التواصل الفعّال عند مناقشة الاختلافات، بحيث يكون الهدف هو الفهم والتقارب، وليس فرض رأي طرف على الآخر.

متى يصبح البحث عن شريك يشبهنا فخًا؟

تشير قصقص إلى أن المشكلة لا تكمن في التشابه بحد ذاته، بل في التوقعات المسبقة التي تجعل البعض يعتقدون أن العثور على شخص مطابق لهم تمامًا هو الضمان الوحيد لنجاح العلاقة. هذا التصور قد يؤدي إلى إحباط متكرر، حيث يصطدم الشخص بواقع أن الاختلاف لا مفر منه، وأن محاولة العثور على نسخة طبق الأصل قد تكون رحلة بلا نهاية، تنتهي إما بخيبات أمل متكررة أو بعلاقة تفتقر إلى العمق والنمو.

لا توجد وصفة واحدة تضمن نجاح أي علاقة، فالبعض يجد الراحة في التشابه، بينما يجد آخرون في الاختلاف مصدرًا للتجدد والتعلم. الأهم هو أن يكون هناك تواصل صحي وتفاهم متبادل، لأنهما العاملان الأساسيان اللذان يحكمان نجاح أي علاقة، بغض النظر عن مدى التشابه أو الاختلاف بين الشريكين.