رحيل المصمم الإيطالي جورجيو أرماني

اليوم، فقدت عالم الموضة أحد أعظم رموزها، المصمم الإيطالي جورجيو أرماني، الذي ساهم بشكل كبير في تشكيل تاريخ الأزياء وارتبط بفكرة الأناقة الإيطالية لعدة عقود. كانت مسيرته المهنية رحلة مدهشة، حيث نجح في تحويل اسمه إلى علامة تجارية عالمية، مما جعله واحدًا من أكثر المصممين تأثيرًا في القرن العشرين.
لم يكن جورجيو أرماني مجرد مصمم أزياء، بل كان أيضًا رجل أعمال بارع استطاع بناء إمبراطورية متكاملة تحمل توقيعه، حيث تشمل مجموعة واسعة من المنتجات مثل الملابس، والعطور، والإكسسوارات، وحتى الفنادق الفاخرة.
على الرغم من تقدمه في العمر، ظل أرماني المدير الإبداعي لدار الأزياء الخاصة به حتى وفاته، محافظًا على رؤيته الفريدة وبصمته المتميزة.
رحلة جورجيو أرماني: إمبراطورية الأناقة التي صمدت لأكثر من نصف قرن

بدأت مسيرة جورجيو أرماني في عالم الأزياء في خمسينيات القرن الماضي، حيث عمل كمنسق نوافذ في متجر لا ريناسينتي بمدينة ميلانو. كانت تلك الفترة بداية اكتسابه خبرة قيمة في عرض الملابس وجذب انتباه العملاء. بعد فترة، انضم إلى دار نينو شيروتي، حيث صقل مهاراته في تصميم الأزياء وطور فهمه للقصات والأقمشة.
في عام 1975، أسس أرماني دار "Giorgio Armani" بالتعاون مع شريكه سيرجيو غاليوني، ليقدم للعالم تصاميم تمزج بين بساطة الأناقة والفخامة الإيطالية. كانت مجموعاته تتميز بالخطوط النظيفة، والألوان الهادئة، والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة.

على مدار أكثر من 50 عامًا، ظل اسم جورجيو أرماني مرادفًا للأناقة والفخامة. لم يكن مجرد مصمم أزياء، بل أصبح أيقونة عالمية، حيث ارتبطت ملامحه بتصاميمه المميزة في ذاكرة عشاق الموضة. سمرته الدائمة، عيناه الزرقاوان، وشعره الأبيض، بالإضافة إلى زيّه الرسمي الذي أصبح جزءًا من صورته: القميص الأزرق الداكن، والبنطال الأنيق، والحذاء الرياضي الأبيض.
لم يقتصر تأثير أرماني على منصات العرض فقط، بل أنشأ إمبراطورية متكاملة تحمل توقيعه، من الأزياء الجاهزة التي غيّرت مفهوم الملابس العملية الأنيقة، إلى العطور التي أصبحت الأكثر مبيعًا في العالم، وصولاً إلى الأثاث والفنادق التي تعكس لمسة من روحه الهادئة.
بداية جورجيو أرماني: ثورة هادئة في عالم الموضة

دخل جورجيو أرماني عالم الموضة في منتصف سبعينيات القرن الماضي عبر مجموعة صغيرة من الأزياء الرجالية، لكنها كانت كافية لإحداث ثورة في قواعد التصميم السائدة آنذاك. قدّم البدلة الرسمية بطريقة غير تقليدية، بأكتاف عريضة وأرداف ضيقة، ليعيد إلى الأذهان صورة الممثل الأسطوري كاري غرانت في أربعينيات القرن الماضي.
في الثمانينيات، واصل أرماني تطوير تصاميمه، مبتعدًا عن صرامة السترة التقليدية، ليقدم شكلًا أكثر انسيابية وراحة، بأكتاف مائلة وياقات منخفضة. كان هذا التحول بمثابة إعلان عن نهج جديد في ارتداء البدلة، يمنح الرجل مظهرًا واثقًا وأنيقًا بدون قيود.
كما لم يقتصر الأمر على الأزياء الرجالية فقط، بل امتد ليشمل ملابس النساء، حيث حرّر العديد منهن من التصاميم الصارمة والضيقة التي فرضتها بيوت الأزياء الأخرى في ذلك الوقت. قدم لهن قطعًا أكثر عملية وأناقة، منسوجة بروح الراحة والترف الهادئ.
أما لوحة ألوانه، فكانت حديثًا بحد ذاتها، حيث كانت درجات الرمادي والبيج والألوان الترابية الناعمة مرادفًا للثراء الهادئ، قبل أن يصبح مصطلح "الرفاهية الهادئة" شعارًا عالميًا في عالم الموضة.
جورجيو أرماني وهوليوود

لم يكن ارتباط جورجيو أرماني بالسينما مجرد صدفة، بل كان شغفًا قديمًا بدأ منذ طفولته. قبل أن يفتتح مكتبه في لوس أنجلوس أو متجره الشهير في روديو درايف، كان يضع لمسات تصميمه على أزياء النجوم، مؤمنًا أن الشاشة الكبيرة هي المسرح الأوسع لتجسيد فلسفته في التصميم.
في الثمانينيات، جاء الانتشار العالمي لاسمه مع عرض فيلم "American Gigolo" (1980)، حيث ظهر الممثل ريتشارد غير ببدلات أرماني الانسيابية. من هناك، تحولت علامة "Armani" إلى رمز عالمي لا ينفصل عن هوليوود وصناعة السينما.

ليس مفاجئًا أن يُنسب الفضل إلى جورجيو أرماني في إعادة صياغة العلاقة الحديثة بين الموضة وهوليوود. فقد أدرك، مبكرًا، قوة السجادة الحمراء كمنصة عالمية، واستعان بمجموعة من نجمات الصف الأول كنموذج لإبداعه.
ليلى الحلقة 41
في عام 1978، دخل التاريخ عندما اختارت ديان كيتون إطلالة من أرماني لحفل توزيع جوائز الأوسكار، لتصبح أول ممثلة ترتدي من توقيعه في هذا الحدث العالمي. ومنذ ذلك الحين، تحولت تصاميمه إلى الخيار المفضل للعديد من نجمات هوليوود، مثل جوليا روبرتس وجودي فوستر، اللتان اعتمدتا على إبداعه في أهم لحظات مسيرتهما الفنية.
أرماني بريفيه: عقدان من الأناقة الراقية

هذا العام كان بمثابة محطة خاصة في مسيرة جورجيو أرماني، حيث احتفلت دار "Armani Privé" بمرور 20 عامًا على تأسيسها. منذ انطلاقتها في عام 2005، أصبحت هذه العلامة منصة حصرية للمصمم الإيطالي لتقديم رؤيته للأزياء الراقية، حيث تتجلى دقته في القياس وصرامته في التفاصيل.
لكن، غاب جورجيو أرماني عن آخر 3 عروض أقيمت في شهري يونيو ويوليو، نتيجة معاناته من المرض. وكان من المتوقع أن يشارك بنفسه في احتفالات العلامة بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيسها في مدينة ميلانو، بما في ذلك عرض ضخم في بيناكوتيكا دي بريرا، غير أن ظروفه الصحية حالت دون حضوره.
النجمات وأرماني: الأناقة تتلألأ على السجادة الحمراء

لطالما جذبت فساتين أرماني أنظار النجمات حول العالم، لما تتميز به من تصاميم بسيطة وفخمة. إليكم أبرز الإطلالات التي تألقت بها النجمات على السجادة الحمراء بفستان من توقيع أرماني:
نيكول كيدمان وروعة الأزرق من أرماني
خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار، أطلت نيكول كيدمان بفستان أزرق ساحر من أرماني مصنوع من الحرير الفاخر، وزُين الخصر بتفاصيل فيونكة كبيرة.
زندايا وتصميم بريفيه مميز
اختارت زندايا فستاناً من مجموعة Armani Privé، ربيع/صيف 2024، لحفل توزيع جوائز الأوسكار للعام 2024. تميّز الفستان بتدرجات اللونين الفضي والوردي الفلامنغو، وزُينت الإطلالة بتطريزات معدنية لأشجار النخيل، في إشارة إلى وفرة أشجار النخيل في لوس أنجلوس.
ريهانا تتألق بفستان رائع من أرماني
خلال حفل توزيع جوائز غرامي 2017، أطلت ريهانا بفستان مذهل من أرماني، تميز الجزء العلوي منه باللون البرتقالي مع أحجار الراين المتلألئة، متدرجًا إلى تنورة مكشكشة مصنوعة من الأورغانزا الحريرية السوداء.