رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
فقدت الساحة الثقافية والفكرية، يوم الخميس، أحد أعلامها البارزين، المفكر البحريني العظيم الدكتور محمد جابر الأنصاري، الذي كان مستشارًا ملكيًا للشؤون الثقافية والعلمية. لقد كان الدكتور الأنصاري رائدًا في مجال دراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر، تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا وفكريًا عميقًا.
إسهامات فكرية بارزة في الثقافة والفكر العربي
يعتبر الدكتور محمد جابر الأنصاري من أبرز المفكرين العرب في القرن العشرين، ويمثل أحد الرواد في الحركة الفكرية والثقافية في البحرين والخليج العربي. لقد ساهم بشكل ملموس في إثراء مجالات الفكر والأدب والثقافة، مؤكداً على أهمية تجديد الفكر العربي لمواكبة التحديات المعاصرة.
عُرف بتوجهه النقدي تجاه الأفكار السائدة في العالم العربي، حيث دعا إلى ضرورة إطلاق مشروع نهضوي جديد يعيد تقييم التراث العربي الإسلامي، ويعكس التغيرات التي يشهدها العصر الحديث.
من أبرز مؤلفاته، التي تُعتبر مرجعيات في الفكر العربي، كتاب "تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي 1930-1970"، و"العالم والعرب سنة 2000"، و"تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها".
التأثر الكبير بابن خلدون ومنهجه الفكري
تأثر الدكتور الأنصاري بشكل ملحوظ بفكر ابن خلدون، وكان يعتبر "مقدمة ابن خلدون" أداة حيوية لفهم الواقع العربي وتطوير الفكر العربي الحديث. في كتابه "لقاء التاريخ بالعصر"، دعا إلى استخدام المنهج الخلدوني كوسيلة لفهم التاريخ ورسم معالم الحضارة العربية المعاصرة.
تميزت رؤيته الفكرية بتسليط الضوء على الحاجة الملحة لإعادة التفكير في العقلية العربية، التي غالباً ما تكون أسيرة للأفكار الرومانسية والعاطفية، مشددًا على أهمية تطوير ثقافة عقلانية تتجاوز الأساليب التقليدية في التعبير.
مسيرة أكاديمية متميزة
وُلد الدكتور محمد جابر الأنصاري في البحرين عام 1939، وبدأ مسيرته العلمية في الجامعة الأمريكية ببيروت، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الأدب العربي عام 1963، ثم تابع دراسته للحصول على دبلوم في التربية، تلاه ماجستير في الأدب الأندلسي عام 1966.
في عام 1979، حصل على درجة الدكتوراه في الفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر. كما درس في جامعة كامبريدج، وحصل على شهادة في الثقافة واللغة الفرنسية من جامعة السوربون في عام 1982.
تأثيره الفكري رغم التحديات الصحية
على الرغم من معاناته من مرض عضال منذ عام 2019، والذي منع الدكتور الأنصاري من مواصلة إنتاجه الفكري، إلا أنه ترك إرثًا علميًا وفكريًا عميقًا أثر في المكتبة العربية. كانت أعماله مصدر إلهام للعديد من الباحثين والمفكرين، وستظل كتبه ودراساته مرجعًا أساسيًا في مجالات الفكر العربي والإسلامي.
إرث فكري خالد
طوال حياته، قدم الدكتور محمد جابر الأنصاري العديد من المؤلفات التي تشكل علامات بارزة في الثقافة والفكر العربيين. ورغم رحيله، سيبقى إرثه الفكري حيًا من خلال أعماله التي ستستمر في التأثير في الأجيال القادمة من المفكرين والباحثين في مختلف مجالات الفكر العربي والإسلامي.
رائحة الصندوق الحلقة 41