تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على القلق

لقد أصبح التقدم التكنولوجي والرقمي السريع الذي نعيشه جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. حيث تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات دائمة النشاط، مليئة بالمؤثرات البصرية والقصص الملهمة والتفاعلات الحقيقية. ومع هذا التحول، لم يعد الأمر مقتصراً على مشاركة اللحظات الجميلة فحسب، بل أصبح هناك مؤثرون يتجسد دورهم في تشكيل معايير النجاح والسعادة.
شراب التوت الحلقة 103
هؤلاء المؤثرون يروجون لحياة مثالية مليئة بالرفاهية، مما يخلق نوعاً من المقارنات المستمرة بين متابعيهم. هذه المقارنات غير الواقعية قد تؤدي إلى شعور عميق بالنقص وعدم الكفاءة لدى الأفراد، مما يساهم في تصاعد القلق الاجتماعي والنفسي.
هل يساهم المؤثرون في خلق القلق بدل المحتوى؟

يعتمد بعض المؤثرين على جذب انتباه المتابعين وإبقائهم في حالة من الترقب المستمر. هذا النموذج له تأثير عميق على الصحة النفسية للمتابعين، حيث يظهر ذلك من خلال:
صناعة النمطية المستحيلة
يتميز المؤثرون بقدرتهم على عرض نسخ مثالية للحياة، حيث تُظهر منازلهم دوماً في حالة من النظام المبالغ فيه، وتُلتقط رحلاتهم في أبهى صورها، بينما تظهر أجسادهم وكأنها خالية من العيوب. هذا التدفق المستمر للكمال يضع معايير يصعب تحقيقها في الواقع، مما يدفع المتابعين إلى الانغماس في مقارنة سامة مع الآخرين.
ثقافة الاستهلاك القلق
يتحول المؤثرون من مجرد ناقلين للمعلومات إلى مسوّقين يربطون بين السعادة وامتلاك منتجات معينة. وفي كثير من الأحيان، يُصوّر الفشل في الحصول على هذه المنتجات كأنه فجوة في حياة الفرد. وفقاً لتقرير صادر عن مركز نيوارك للصحة السلوكية، غالباً ما يسوّق المؤثرون لمنتجات باهظة الثمن، مما يخلق ضغوطاً على المتابعين للإنفاق ومواكبة أنماط حياة ترفيهية قد لا تكون في متناول الجميع، مما يزيد من القلق المالي والاجتماعي.
الهشاشة النفسية في زمن التقييم
تتطلب العلاقة بين المؤثرين ومتابعيهم تقييماً مستمراً من خلال الإعجابات والتعليقات. هذه التقييمات تتجاوز الشاشة لتؤثر بشكل مباشر على حياة المتابعين، حيث يبدأ الأفراد في تقييم حياتهم استناداً إلى ردود الفعل التي يتوقعونها من الجمهور الافتراضي. هذا البحث الدائم عن التقدير يزيد من هشاشة الثقة بالنفس ويجعل الأفراد أكثر عرضة للقلق المرتبط بالصورة الذاتية.
في النهاية، لا يقتصر تأثير هذا الأمر على المحتوى الذي يتم عرضه فحسب، بل إن البنية التقنية للمنصات هذه مصممة لإبقاء المستخدمين في حالة من التوتر والقلق الدائم. لذا، فإن الحل يكمن في تعزيز الوعي النقدي، وتمييز الواقع عن المظاهر المعدّلة، وإعادة تقييم الحياة بعيداً عن الحاجة إلى المصادقة الرقمية المستمرة. يجب على صناع المحتوى أن يتفكروا في نوعية ما يقدمونه، بعيداً عن الاستعراضات الفارغة.