أثر التجاهل والرفض في العلاقات الإنسانية

تتباين أساليب انتهاء العلاقات الإنسانية، سواء كانت صداقة عابرة أو بداية قصة حب لم تكتمل. في بعض الأحيان، تأتي النهايات واضحة وصريحة من خلال الرفض المباشر، بينما يميل آخرون إلى أسلوب "التجاهل" المعروف بالـ Ghosting، حيث يختفي الطرف الآخر فجأة دون أي تفسير. كلا الأسلوبين يترك أثراً نفسياً سلبياً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أيهما أشد وطأة على المشاعر؟
دراسة حول التجاهل والرفض في العلاقات

حاولت دراسة علمية حديثة، نُشرت في دورية Computers in Human Behavior، الإجابة عن هذا السؤال بطرق تجريبية دقيقة. قاد هذه الدراسة فريق من جامعة ميلانو-بيكوكا بإيطاليا، تحت إشراف أليسيا تلاري. اعتمد الباحثون في تجربتهم على محاكاة مواقف حقيقية، بدلاً من الاعتماد على ذكريات المشاركين القديمة.
ليلى مدبلج الحلقة 201
شارك في هذه التجربة مجموعة من المتطوعين الذين تواصلوا يومياً عبر الدردشة مع شخص اعتقدوا أنه متطوع آخر، بينما كان في الواقع أحد مساعدي الباحثين. وبعد مرور بعض الوقت، تم تقسيم المواقف إلى ثلاثة أنماط: تجاهل كامل، رفض مباشر مع توضيح، أو استمرار طبيعي للتواصل (كمجموعة ضابطة).
النتائج: ألم مشترك لكن بتفاصيل مختلفة
كشفت النتائج أن كلاً من التجاهل والرفض أديا إلى انخفاض واضح في مشاعر القرب والرضا عن العلاقة، مع ارتفاع الإحساس بالاستبعاد والذنب. لكن الفارق ظهر في طبيعة استمرار الأثر:
- الرفض المباشر تسبب في صدمة وانزعاج، إلا أنه كان قصير المدى نسبياً، حيث تمكّن الأفراد من استيعابه والمضي قدماً.
- التجاهل (Ghosting) ترك أثراً أكثر عمقاً واستمرارية، إذ بقيت مشاعر الارتباك والتساؤلات قائمة لفترة أطول، مما أدى إلى شعور بعدم الأمان وفقدان القدرة على الإغلاق النفسي.
كما شعر المشاركون في الحالتين بانخفاض ثقتهم الاجتماعية وتراجع إحساسهم بالكفاءة، لكن هذه المشاعر بدت أثقل عند التعرض للتجاهل.
لماذا يُعد التجاهل أقسى؟
يرى الباحثون أن السبب في ذلك يكمن في غياب "الخاتمة". فعندما يتعرض الشخص لرفض مباشر، على الرغم من قسوته، يحصل على تفسير واضح يمكنه من طي الصفحة. أما في حالة التجاهل، يبقى الباب مفتوحاً أمام احتمالات وأسئلة بلا إجابة، مما يُبقي الألم حياً ويؤدي إلى توتر طويل الأمد.
تشير الدراسة إلى أن التجاهل غالباً ما يكون أسوأ من الرفض المباشر، ليس فقط لأنه يترك أثراً نفسياً سلبياً، بل لأنه يسلب الشخص حقه في الفهم والإغلاق العاطفي. وهذا ما يجعل التواصل الصريح، حتى وإن بدا صعباً، خياراً أكثر إنسانية من الصمت والانقطاع المفاجئ.