أهمية اللعب مع الأب في تنمية الأطفال
إن اللعب مع الأب يعد أكثر من مجرد لحظات ممتعة، فهو يشكل تجربة أساسية في بناء عقول الأطفال وتعزيز قدراتهم الأكاديمية والاجتماعية. في هذا السياق، تكشف الأبحاث الحديثة التي أجريت في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة عن التأثير العميق لمشاركة الآباء في وقت اللعب، وكيف يمكن أن تُشكل تلك اللحظات مستقبل الأطفال بطرق متعددة.
دور اللعب مع الأب في تنمية الأطفال
حسب دراسة "PIECE" التي غطت حوالي 5,000 أسرة بريطانية بين عامي 2016 و2023، فإن انخراط الآباء في اللعب مع أطفالهم من مرحلة الطفولة المبكرة يمكن أن يترك أثراً دائماً على تطورهم الأكاديمي والاجتماعي. وقد شملت هذه الدراسة تحليل العلاقة بين وقت اللعب الذي يخصصه الآباء وأداء الأطفال في اختبارات الاستعداد المدرسي وتقييمات المهارات الاجتماعية حتى سن السابعة.
أوضح الدكتور جون غوتمان، المؤسس المشارك لمعهد غوتمن، أن هذا النوع من اللعب يمنح الأطفال فرصة فريدة لتطوير مهاراتهم. وأشار إلى أن وقت اللعب مع الأب يمثل فرصة ذهبية لتعزيز المهارات المعرفية والعاطفية والاجتماعية للأطفال.
لماذا يلعب الآباء دورًا فريدًا؟
على الرغم من أن الأمهات يقدمن دعماً عاطفياً وتربوياً كبيراً، إلا أن طريقة اللعب التي يعتمدها الآباء غالباً ما تكون مختلفة ومكملة لدور الأمهات. يميل الآباء إلى إدماج الألعاب التي تتطلب نشاطاً بدنياً وحل مشاكل، مما يعزز التفكير والإبداع لدى الأطفال.
كما أشار الدكتور غوتمان إلى أن الألعاب الهادفة، مثل القراءة المشتركة أو تنفيذ أنشطة الحرف اليدوية أو ألعاب المنطق، تسهم في تطوير القدرات الإدراكية للأطفال بشكل يفوق الألعاب العشوائية. هذه الأنشطة التفاعلية تُعتبر مصادر تعليمية طبيعية تعزز من أداء الأطفال في المدرسة وتساعد على تنمية مهاراتهم الاجتماعية.
البداية المبكرة هي المفتاح
أكدت الدراسة أن البداية المبكرة لمشاركة الآباء في وقت اللعب تشكل أساسًا لعلاقة مستدامة بين الأب والطفل. فحين يحرص الآباء على تخصيص وقت يومي للعب، حتى لو كان لمدة 10-15 دقيقة، فإن هذا الالتزام يعزز شعور الأطفال بأهميتهم في حياة آبائهم. كما يترك ذلك أثراً إيجابياً على تطورهم.
المهرج الحلقة 11
علاوة على ذلك، تبني هذه العادة روابط قوية بين الأب والطفل، مما يتيح المزيد من اللحظات التفاعلية مع تقدم الطفل في العمر. وأوضح الدكتور غوتمان أن هذه المشاركة المستمرة تؤكد للأطفال أنهم يمثلون أولوية في حياة آبائهم، رغم مشاغل الحياة اليومية.
كيف يمكن للآباء الاستفادة من وقت اللعب؟
بالنسبة للآباء، الرسالة واضحة: استثمار وقت اللعب هو طريقة فعالة لدعم نمو أطفالكم. السر يكمن في المواظبة على اللعب الهادف الذي يحفز عقول الأطفال وينمي قدراتهم. خصصوا وقتاً يومياً للعب مع أطفالكم، حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة.
اختاروا أنشطة تجمع بين المرح والتعليم، مثل الألعاب التي تتطلب التفكير أو القراءة. تعاملوا مع وقت اللعب كفرصة للتواصل والتعلم، وليس فقط للترفيه. كما يمكن للأمهات تشجيع الآباء على المشاركة وتوضيح القيمة الكبيرة لوقت اللعب مع الأب في حياة الأطفال.
ختاماً، اللعب مع الأب ليس مجرد نشاط عابر، بل هو استثمار طويل الأمد في مستقبل الأطفال. من خلال وقت اللعب الهادف والمشاركة المستمرة، يمكن للآباء أن يسهموا بشكل كبير في تعزيز ذكاء أطفالهم وقدرتهم على التفاعل الاجتماعي. إذا كان الآباء مستعدين لتخصيص بضع دقائق يومياً لهذه الأنشطة، فإن التأثير الإيجابي سيبقى معهم مدى الحياة.