أهمية التكرار في تحقيق الإنجازات

يعتقد الكثير من الناس أن التكرار مجرد عملية روتينية مملة، ولكن الحقيقة أن التكرار هو السر الخفي وراء التفوق والإنجازات. إذا كنا نرغب في إتقان أي شيء، سواء كان عملاً معقداً أو حتى أبسط المهام اليومية، يجب أن نفهم كيف يتعامل دماغنا مع التكرار وكيف يعيد تشكيل أنماط التعلم بمرور الزمن. ما يبدأ كمحاكاة بسيطة يمكن أن يتحول لاحقاً إلى سلوك تلقائي مضبوط بدقة.
كيف يساعدنا التكرار؟
منذ لحظة ولادتنا، يبدأ دماغنا في استيعاب البيانات وتنظيمها ضمن ذكريات، تشكل خريطة تساعدنا على التفاعل بفعالية مع محيطنا. عند القيام بأي مهمة، سواء كانت بسيطة كإصلاح مفتاح كهربائي أو معقدة كتعلم المشي، يعتمد دماغنا على هذه الذكريات لتوجيه الجسم بشكل صحيح.
مع مرور الوقت وتكرار نفس الفعل، يصبح الأداء أكثر سلاسة ودقة. هذه العملية هي التي يتعلم بها الإنسان، حيث تتراكم الذكريات وتصبح أكثر قوة مع كل تكرار.
التكرار من أجل الإتقان
يمكن تشبيه تكرار السلوكيات من أجل إتقانها بإضافة طبقات جديدة من الطلاء على جدار. في البداية، تكون الطبقة رقيقة وغير ثابتة، لكن مع استمرار التكرار، تصبح أكثر قوة وثباتاً، مما يؤدي إلى تكوين عادات راسخة تُنفذ بسهولة ودون تفكير.
نرى هذا في المهام اليومية التي نقوم بها بشكل شبه تلقائي، مثل المشي أو الكتابة على لوحة المفاتيح. ومع تقدم العمر أو وجود حالات صحية مثل مرض باركنسون، يواجه الدماغ تحديات، ولكن الحل يكمن في التكرار، الذي لا يساعد فقط على استعادة القدرات المفقودة، بل يعزز كفاءتنا في أداء المهام طيلة حياتنا.
استراتيجيات فعالة للأداء العالي
أحد الاستراتيجيات الفعالة في تحسين الأداء هو التكرار المكثف. حيث تُثبِّت الممارسات المتكررة المهارات في الذاكرة، مما يمنحها القوة اللازمة لتصبح سلوكًا طبيعيًا. الرياضيون المبدعون، مثل لاعب كرة السلة الشهير ستيفن كاري، يجسدون هذه الفكرة، حيث يقضون ساعات في التدريب على إطلاق الكرات من منتصف الملعب، مما يبرز أهمية التكرار في تحقيق التميز.
ومع ذلك، يجب أن يكون التكرار منظماً وليس عشوائياً، حتى لا يتحول إلى روتين ممل. يتطلب الأمر أحيانًا ممارسة التمرين بأقصى درجة من الدقة، كما كان يفعل السباح الأولمبي مايكل فيلبس، الذي كان يصر على أن كل تمرين يجب أن يكون خالياً من الأخطاء. الهدف هو تحسين الأداء تدريجياً وتحقيق التميز.
أحد الجوانب المهمة التي ينبغي مراعاتها هو ضرورة "إعادة تنشيط" المهارات بانتظام. على سبيل المثال، العزف على آلة موسيقية يتطلب تكراراً مستمراً حتى بعد الوصول لمستوى متقدم. وفي حالة غياب هذه الممارسة، قد يلاحظ الشخص تراجعاً في كفاءته.
ختاماً، فإن التكرار ليس مجرد وسيلة لتكرار نفس السلوك، بل هو الأساس الذي يبني عليه الإنسان مهاراته ونجاحاته. سواء كنت تتعلم مهارة جديدة أو تحاول استعادة قدرة قديمة، فإن التكرار هو العامل الذي يمكن أن يساعدك في تحسين الأداء وتحقيق التميز. لذا، لا تتردد في تخصيص وقتك لتكرار المهام التي تسعى إلى إتقانها، فهي الطريق نحو النجاح.
عائلة شاكر باشا مدبلج الحلقة 31