-

نظرية "دعيهم" وفهم القبول والمسامحة

نظرية
(اخر تعديل 2025-09-11 11:27:30 )
بواسطة

في عالم مليء بالتحديات والضغوطات النفسية، برزت مؤخرًا نظرية جديدة تحمل عنوان "دعيهم" من تأليف الكاتبة وخبيرة التحفيز الشهيرة ميل روبنز. هذه النظرية تمثل مقاربة تعتمد على القبول والتحرر من قيود التفكير التقليدي، حيث تدعونا إلى السماح للآخرين بالتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم دون محاولة تغييرهم أو السيطرة عليهم.
السعادة العائلية الحلقة 9

تسعى هذه النظرية إلى تحرير النساء من دور "المنقذة"، وهو الدور الذي غالبًا ما يكون مصدرًا للقلق والشعور بالذنب والضغط النفسي. ولكن يبقى التساؤل: هل يعني "تركهم وشأنهم" أنني قد سامحتهم؟ الجواب هنا هو: لا.

تابعي القراءة لتتعرفي على العوامل الأساسية التي ستساعدك على الحفاظ على مساحتك الشخصية وحرية التعبير عن نفسك دون التدخل في شؤون الآخرين، ودون أن يتدخل أحد في شؤونك.

القبول لا يعني المسامحة

ميل روبنز
ميل روبنز المصدر: Getty

تركز نظرية "دعيهم" على مفهوم القبول بدلاً من الغفران. فالقبول يعني إدراكك لحقيقة الموقف والامتناع عن مقاومته أو محاولة تغييره، دون أن يعني ذلك أنك توافقين على ما حدث. على سبيل المثال، يمكن أن تقبلي بوفاة شخص عزيز عليك، لكن لا يعني ذلك أنكِ ترين أن موته كان أمرًا جيدًا أو مبررًا.

بينما القبول والمسامحة قد يتشابهان، إلا أنهما تجربتان مختلفتان تمامًا. فالمسامحة تعد عملية عاطفية تهدف إلى تقليل المشاعر السلبية تجاه من أساء إليك وتعزيز المشاعر الإيجابية تجاههم. من ناحية أخرى، القبول هو اعتراف بحقيقة لا يمكن تغييرها، مثل سلوكيات الآخرين أو مشاعرهم، دون الحاجة إلى تحسينها.

القبول من دون مسامحة

العلاقة بين القبول والمسامحة وثيقة، حيث أوضح الباحثون في هذا المجال أن "المسامحة هي نوع من القبول، لكن ليس كل قبول هو مسامحة". فعلى سبيل المثال، إذا قبلت ما حدث، لكنك لا ترين الشخص الذي أساء إليك كإنسان يستحق الاحترام، فأنت لم تسامحيه بعد.

بعض الأشخاص ينجحون في التصالح مع ماضيهم، لكنهم لا يصطلحون مع الأشخاص الذين كانوا جزءًا من ذلك الماضي. لذا يمكنك القبول بما حدث دون أن تغفري، ودون أن تنوي المسامحة في المستقبل.

كيف يمكنك القبول من دون المسامحة؟

  • اتركي الشخص يتصرف بحرية دون محاولة لتغييره.
  • لا تسمحي لتصرفاته أو مشاعره بالتحكم بك.
  • تقبلي ما فعله، لكن لا تشعري بأنك ملزمة بالمسامحة.
  • تحرري من مشاعر الغضب والخذلان تدريجيًا، لكن دون ضغط.
  • تذكري أن عدم الغفران لا يعني أنكِ تحملين الحقد، بل أنكِ تضعين حدودًا واضحة.

المصالحة ليست ضرورية

كما هو الحال مع المسامحة، يختلط الأمر كثيرًا حين يتعلق بالمصالحة والقبول. الحقيقة هي أن المصالحة تحدث فقط عندما يستعيد طرفان أو أكثر علاقة بعد وقوع الأذى. قد تكون هذه العلاقة ودية أو محترمة، لكنها لا تعني بالضرورة وجود حب أو تقارب عاطفي.

يمكنك أن تسامحي وتتصالحي، أو تسامحي دون مصالحة، أو ببساطة لا تسامحي على الإطلاق. جميع الخيارات ممكنة ومشروعة. نظرية "دعيهم" لا تشترط المصالحة، بل تشجع على وضع الحدود والانفصال العاطفي عند الحاجة.

يمكنكِ أن "تدعيهم" من دون أن تسامحيهم

تعتبر نظرية ميل روبنز "دعيهم" والمسامحة أدوات مفيدة في التعامل مع العلاقات وتحسين الصحة النفسية. إلا أنهما ليستا الشيء نفسه. بينما تركز "دعيهم" على القبول والسماح للآخرين بالتعبير عن أنفسهم دون تدخل، تقوم المسامحة على عملية داخلية تهدف إلى تخفيف المشاعر السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية.

في النهاية، الخيار لكِ.. يمكنك أن "تدعيهم" وتسامحي، أو "تدعيهم" فقط، دون أن تمنحيهم مكانًا جديدًا في قلبك أو حياتك. الأمر لا يتعلق بهم بقدر ما يتعلق بكِ أنتِ.