متلازمة توريت: تحديات وشجاعة التعايش
تُعتبر متلازمة توريت حالة عصبية تؤثر على الجهاز العصبي، حيث تُعرف بالتشنجات اللاإرادية الحركية والصوتية. ورغم أن هذه المتلازمة شائعة، إلا أن الجهل بها يُسبب العديد من التحديات للأفراد الذين يعيشون معها.
لإلقاء الضوء على هذه المتلازمة، نستعرض تجربة حنين التميمي، التي تُعتبر مثالًا مُلهمًا لشجاعة التعايش مع توريت.
ما هي متلازمة توريت؟
تُعرف متلازمة توريت، وفقًا لموقع ويب طب، بأنها اضطراب عصبي يظهر من خلال حركات وأصوات لاإرادية تُعرف بالتشنجات. عادةً ما تظهر الأعراض في مرحلة الطفولة، بين سن 5 و10 سنوات، وتختلف في شدتها من شخص لآخر. تشمل الأعراض الشائعة التشنجات الحركية مثل رمش العين وهز الكتفين، بالإضافة إلى التشنجات الصوتية مثل السعال أو الشخير.
على الرغم من عدم تحديد السبب الدقيق لمتلازمة توريت، تشير الأبحاث إلى أن هناك دورًا للعوامل الوراثية والبيئية في تطورها. يُعتقد أن هناك خللًا في بعض مناطق الدماغ، بما في ذلك العقد القاعدية، المسؤولة عن التحكم في الحركات. كما يُشتبه في أن النواقل العصبية، مثل الدوبامين والسيروتونين، تلعب دورًا في ظهور الأعراض.
من المهم الإشارة إلى أن متلازمة توريت لا تؤثر على الذكاء أو متوسط العمر المتوقع. ومع ذلك، قد يواجه المصابون تحديات اجتماعية ونفسية نتيجة التشنجات وسوء فهم المجتمع لطبيعة الاضطراب. لذا، يتعين تعزيز الوعي والدعم للمصابين لضمان دمجهم بشكل أفضل في المجتمع.
معاناة من قلب الواقع
في لقاء خاص، شاركتنا حنين التميمي تجربتها الحقيقية حول المتلازمة، لتوفر لنا رؤية أعمق من قلب الواقع عن هذه الحالة التي بدأت تُسلط عليها الأضواء، حتى في الأفلام مثل فيلم "بضع ساعات في يوم ما" الذي تقدمه الممثلة مايان السيد.
ما أبرز التحديات اليومية التي تواجهينها بسبب متلازمة توريت، وكيف تؤثر هذه التحديات على حياتك الشخصية والاجتماعية؟
تصف حنين التحدي الأكبر بقولها: "أسوأ التحديات هي التبرير المستمر لنفسي. أشعر دائمًا بأنني مضطرة لشرح طبيعتي للجميع. إن لم أفعل ذلك، أتعرض للنظرات والأحكام المسبقة، مما يُشعرني بالانطواء". هذا يولّد شعورًا بالرهاب الاجتماعي.
وتضيف أن هذا الضغط اليومي للتبرير يترك أثرًا كبيرًا على حياتها الشخصية والاجتماعية.
محمد الفاتح مترجم الحلقة 26
هل تجدين صعوبة في التحكم في التشنجات أو الأصوات أثناء التفاعل مع الآخرين؟ وكيف تتعاملين مع هذه المواقف في الحياة اليومية؟
تشير حنين إلى أنها لا تحاول قمع التشنجات اللاإرادية؛ بل تجعل من حولها يتأقلمون معها. تقول: "إذا حاولت قمع التشنجات، فإنها تصبح أشد قوة وألمًا. عندما يسألني أحدهم عن سبب هذه الحركات، أجيب وأشرح لهم طبيعة المتلازمة."
الجهل والمفاهيم الخاطئة
وعن مدى معرفة الناس لهذه المتلازمة، أخبرتنا حنين عن انعكاس قلة الوعي وانتشار المفاهيم الخاطئة على نفسيات المصابين بأمراض قد تبدو مجهولة للآخرين.
هل شعرتِ بأن الناس يجهلون طبيعة متلازمة توريت، وكيف يسهم هذا الجهل في سلوكيات خاطئة أو أحكام مسبقة تجاهك؟
تؤكد حنين أن الجهل الكبير بطبيعة المتلازمة يُسبب التنمر والعزلة. تقول: "هناك اعتقاد شائع بأن المتلازمة مرتبطة بالجنون أو الأرواح الشريرة. هذا الجهل يُشعرنا بالخزي والألم، ويجعلنا نحس بأننا غرباء في مجتمعنا".
كيف تواجهين الإحراج الناتج عن أعراض المتلازمة، وهل لديك طرق للتكيف أو التعامل مع تلك اللحظات؟
بالرغم من الصعوبات، تُظهر حنين قوة ملهمة في مواجهة الإحراج. وتقول: "أحاول مواجهة المواقف المحرجة بدلاً من الهروب منها. عندما أشعر بالقلق، ألجأ إلى القراءة أو العزف لتخفيف التوتر".
هل واجهتِ صعوبات في التعليم أو العمل بسبب المتلازمة؟ وكيف تعاملتِ مع هذه التحديات؟
لحسن الحظ، لم تواجه حنين صعوبات في التعليم، بل كانت متفوقة أكاديميًا. لكنها تعرّضت للتنمر من زملائها. حيث قالت: "كان التعامل الوحيد مع التنمر هو بالدفاع عن نفسي ومحاولة إسكاتهم".
رفع الوعي المجتمعي
لتحسين وعي المجتمع، ترى حنين ضرورة إقامة حملات توعوية ومؤسسات داعمة. تقول: "نحتاج أن تصبح متلازمة توريت معروفة مثل أي حالة أخرى. على المجتمع دعمنا من خلال التعليم والإعلام".
كما تحدثت حنين عن دور الأفلام والإعلام، مشيدة بفيلم "بضع ساعات في يوم ما"، حيث قالت: "الفيلم فعال جدًا في توعية المجتمع، لكنه كان سيكون أوضح لو أن الممثل عانى فعليًا من المتلازمة".
رسالة ملهمة لمن يعانون من توريت
اختتمت حنين حديثها برسالة مليئة بالإلهام لكل من يعاني من المتلازمة أو أي مرض آخر يتم رفضه من المجتمع بسبب الجهل حوله، فقالت: "أحب نفسك وتقبلها. إذا لم تتقبل نفسك، فلن تتمكن من فرض تقبل الآخرين لك. متلازمة توريت تمنحنا تميزًا رائعًا، فهي أداة فرز للناس الذين يحبوننا لما نحن عليه، وليس لما يبدو منّا".
حنين ترى أن توريت ليست عيبًا، بل هي نعمة ودليل على محبة الله لنا.
ختامًا، تُعتبر تجربة حنين التميمي نموذجًا حيًا يُلهم الجميع لتقبل اختلافاتهم، وفهم أن التحديات التي تواجهنا ليست عائقًا، بل فرصة للتطور وبناء مجتمع أكثر وعيًا وشمولية.