فهم الصراعات في العلاقات الإنسانية
إن العلاقات الإنسانية بطبيعتها معقدة، خاصة عندما نتحدث عن العلاقة بين الشريكين. قد يظن الكثيرون أن الحب وحده كفيل بتسهيل الأمور، ولكن الواقع يشير إلى أن العديد من الأزواج يجدون أنفسهم عالقين في دوامة من الخلافات المتكررة. وهذا يثير تساؤلاً شائعاً: "إذا كنا نحب بعضنا البعض، فلماذا نتشاجر كثيراً؟"
لماذا نتشاجر؟
في هذا المقال، نستعرض أبرز الأسباب التي تجعل العديد من الشركاء يغرقون في دوامة من الشجارات التي لا تنتهي.
دورة الصراعات السلبية
من الأسباب الرئيسية وراء هذه الخلافات، وفقاً لموقع SoulCare Counseling، هو ما يُعرف بـ "الدورة السلبية". وهي نمط متكرر من السلوكيات التي تظهر عندما يشعر أحد الشريكين أو كلاهما بتهديد في الاتصال العاطفي.
المتوحش 2 مدبلج الحلقة 231
ككائنات بشرية، نحن مبرمجون للسعي وراء الحب والاتصال. ولكن عندما يتعرض هذا الاتصال للتهديد، يلجأ الكثير منا إلى ردود أفعال عاطفية غير بناءة، مثل النقد، الصمت، أو حتى الابتعاد. ما يحدث هنا هو أن هذه التصرفات، بدلاً من تعزيز العلاقة، تزيد من التوتر وتعميق الشعور بالانعزال.
رقصة الانفصال
يمكن تشبيه الدورة السلبية برقصة متكررة. حيث يلعب الشريكان دورين رئيسيين:
الشريك المطارد
هذا الشريك يسعى إلى المزيد من الاتصال العاطفي، لكنه يعبر عن ذلك من خلال الغضب، النقد، أو الإصرار المفرط.
الشريك المنسحب
أما الشريك المنسحب، فيتجنب العاطفة بسبب شعوره بعدم الأمان أو خوفه من التصعيد، مما يؤدي إلى الصمت أو الانسحاب. هذا النمط يُطلق عليه "رقصة الانفصال"، حيث يحاول كل طرف بأسلوبه الخاص استعادة الاتصال، لكنه بدلاً من ذلك يزيد الفجوة بينهما.
تأثير الصراعات على الشريكين
الصراعات المستمرة لا تنشأ من قلة الحب، بل غالباً من شعور عميق بالخوف من فقدان الاتصال. يشعر المطارد بأنه غير مرئي أو غير مُقدَّر، بينما يشعر المنسحب بأنه غير قادر على تلبية التوقعات، أو أنه دائم الفشل في التواصل. هذه المشاعر تغذي دورة الصراعات وتجعلها أكثر تعقيداً.
أنواع الدورات السلبية
يمكن أن تأخذ هذه الصراعات ثلاثة أشكال رئيسة:
- مطارد-مطارد: عندما يسعى كلا الشريكين للاتصال العاطفي من خلال النقد والهجوم.
- منسحب-منسحب: عندما يتجنب كلا الشريكين العاطفة كوسيلة لحماية العلاقة، مما يخلق فجوة كبيرة بينهما.
- مطارد-منسحب: وهو النمط الأكثر شيوعاً، حيث يحاول أحد الشريكين الاقتراب بشدة، بينما يبتعد الآخر لتجنب الصراع.
كسر الحلقة المفرغة
الحل يكمن في فهم هذه الدورة والتعامل معها بوعي. يمكن للأزواج تحقيق ذلك من خلال تعلم كيفية التعبير عن احتياجاتهم بوضوح واحترام. على سبيل المثال، بدلاً من اللجوء إلى النقد أو الغضب، يمكن للمطارد أن يقول: "أشعر بالبعد بيننا وأحتاج إلى أن أشعر بقربك." أما المنسحب، فيمكنه محاولة تقديم استجابة عاطفية بدلاً من الانسحاب التام.
الاستعانة بالعلاج العاطفي
العلاج العاطفي المركّز (EFT) يُعتبر أداة فعّالة لكسر هذه الدائرة. يساعد هذا النوع من العلاج الأزواج على التعرف إلى أنماطهم السلبية وفهم جذورها العاطفية وتعلم طرق جديدة للتواصل. من خلال هذا النهج، يتمكن الأزواج من بناء اتصال عاطفي أكثر صحة واستقرارًا.
ختاماً، فإن الحب لا يعني غياب الخلافات، بل هو القدرة على تجاوزها بوعي وتفاهم. إذا وجدتم أنفسكم عالقين في دوامة من الصراعات، فلا تخجلوا من طلب المساعدة، لأن العلاقات القوية ليست تلك التي تخلو من التحديات، بل تلك التي تواجهها بشجاعة وحكمة.