فهم الخلافات العاطفية بين الأزواج

تواجه العلاقات الزوجية أحيانًا صراعات تبدو سطحية، حيث يبدأ الخلاف من موقف بسيط كرسالة لم تُرد عليها أو مهمة منزلية لم يتم القيام بها، لينتهي الأمر بانفجار عاطفي يتساءل فيه الطرفان: "كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟".
رياح القدر الحلقة 13
إن معظم النزاعات الزوجية لا تعكس بالضرورة ما يحدث في تلك اللحظة، بل هي نتاج لمشاعر أعمق وأكثر تعقيدًا. هنا تبرز قاعدة "90/10" التي تبرز أن 10% فقط من الخلافات تتعلق بالمشكلة الظاهرة، بينما تكمن الـ90% المتبقية في مشاعر عميقة واحتياجات غير مُلبّاة.
هذه القاعدة ليست مجرد نظرية بل هي مفتاح لفهم الديناميكيات العاطفية، وتساعد على تفكيك أسباب النزاع، مما يمهد الطريق للتواصل الحقيقي. فكيف يمكننا استخدام هذا الفهم لإنقاذ علاقتنا ومنحها فرصة للنمو والتطور؟
المشكلة الظاهرة ليست هي القضية الحقيقية

عندما يتكرر الشجار حول أمور بسيطة مثل غسل الصحون أو ترتيب موعد، يجب أن نفهم أن السبب الحقيقي لا يكمن في تلك التفاصيل بل فيما تمثله. فمثلاً، قد تعني الرسالة التي لم يتم الرد عليها شعورًا بالتجاهل، بينما عدم تنسيق المواعيد قد يعكس انعدام الأهمية أو التقدير.
غالبًا ما نتجنب التعبير عن مشاعرنا العميقة تخوفًا من الرفض أو من اتهامنا بالمبالغة، فنخفي احتياجاتنا تحت قناع الشكوى من الأمور اليومية. وهنا تبدأ الحلقة المفرغة من النزاعات السطحية التي تترك المشكلة الحقيقية دون معالجة، مما يبقي العلاقة عالقة في دوامة من التوتر وعدم الفهم.
إليك بعض الطرق لكسر هذه الحلقة وفتح أبواب الحوار الأعمق:
1. التوقف والتفكير: ماذا أشعر حقاً؟
قبل أن تتفاعل بغضب أو تشكو، خذ لحظة للتفكير في مشاعرك الحقيقية. اسأل نفسك: "هل هذا الخلاف يتعلق حقًا بالحادثة الحالية؟ أم أنه يثير شعورًا قديمًا بعدم التقدير؟" تحديد المشاعر الحقيقية يسهل عملية الحديث عنها، ويمنح شريكك فرصة لفهم ما يؤلمك بعمق.
2. عبّر عن الشعور، لا فقط عن المشكلة
بدلاً من القول: "أنت لا تهتم بي"، حاول أن تعبر عن مشاعرك بشكل أعمق، مثل: "عندما لا أسمع منك لفترة، أشعر بأنني غير مهم في حياتك". الصراحة واللطف في التعبير يعززان التفاهم ويقللان من ردود الفعل الدفاعية.
3. راقب الأنماط لا المواقف
هل تتكرر الخلافات بعد كل زيارة اجتماعية؟ هل تظهر النزاعات دائمًا بعد تجاهل مكالمة؟ قد لا تكون المشكلة في هذه المواقف بحد ذاتها، بل في شعور مستمر بعدم الأمان أو الخوف من فقدان العلاقة. ربط الأحداث بالمشاعر المتكررة يمكن أن يفتح بابًا لفهم أعمق.
4. اسأل بدلاً من أن تفترض
عند بداية الخلاف، بدلاً من الافتراض بأن شريكك لا يهتم، يمكنك أن تسأله: "أشعر أن هناك توترًا بيننا، ما رأيك؟ كيف تشعر أنت؟" الفضول الحقيقي يساهم في بناء جسور التواصل، بينما الافتراضات تغلق الأبواب.
العلاقات القوية لا تخلو من الخلافات، لكن ما يميزها هو القدرة على رؤية ما وراء السطح. عندما نتجاوز التركيز على الـ10% الظاهرة من المشكلة، ونمنح أنفسنا وشركائنا الفرصة للغوص في عمق المشاعر والاحتياجات، يمكن أن تتغير قواعد اللعبة تمامًا.
قاعدة 90/10 ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي دعوة لإعادة النظر في كيفية حبنا، واستماعنا، وتواصلنا. هي تذكير بأن ما لا يُقال غالبًا ما يكون أهم مما يُقال، وأن فهم شريكك لا يبدأ عند لحظة الغضب، بل عند سؤال بسيط: "ما الذي تشعر به حقًا؟"