-

المقارنة بين الأطفال وتأثيرها السلبي

المقارنة بين الأطفال وتأثيرها السلبي
(اخر تعديل 2025-02-04 11:35:46 )
بواسطة

تجد الأمهات أنفسهن في كثير من الأحيان في موقف يقارن فيه سلوكيات أطفالهن بسلوكيات أطفال آخرين، ظنًا منهن أن ذلك سيساعد في تعديل سلوكيات أطفالهن أو دفعهم لتقليد الآخرين. سواء كان هؤلاء الأطفال من بين إخوانهم أو أصدقائهم، فإن هذه المقارنات قد تبدو للوهلة الأولى كوسيلة لتحفيز الأطفال. ولكن ما قد لا يدركنه هو أن هذه الطريقة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يمكن أن تكون المقارنة سببًا في تدمير شخصية الطفل وثقته بنفسه، بدلاً من أن تربيته على فهم السلوكيات الصحيحة.
قلب أسود الحلقة 19

عندما تكون المقارنة سلوكًا سامًا بحد ذاته

صورة تعبيرية

في البداية، يجب أن نعي أن كل طفل يحمل عالمه الخاص، ويمتلك قدراته ومهاراته الفريدة التي تميزه عن غيره. عند مقارنة طفل بآخر، سواء كان أخًا أو صديقًا، فإننا نزرع بذور الشك في قلبه، مما يجعله يشعر أنه غير كافٍ أو أن هناك خللًا في شخصيته. هذا الشعور السلبى يؤثر بشكل كبير على ثقته بنفسه.

تبدأ تلك المقارنات عادة برسائل غير مباشرة مثل: "لماذا لا تكون مثل أخيك؟" أو "صديقتك أفضل منك في هذا الموضوع". وعلى الرغم من أن هذه الكلمات قد تبدو بريئة أو تحفيزية، إلا أن تأثيرها العميق على الطفل قد يستمر لفترة طويلة، حيث تعزز الشعور بالعجز والمقارنة الدائمة مع الآخرين.

تأثير المقارنات على شخصية الطفل

المقارنة المستمرة التي يتعرض لها الطفل قد تؤدي إلى مشاعر سلبية ترافقه حتى يكبر، ومنها:

القلق الدائم

قد تخلق هذه المقارنات شعورًا دائمًا بالقلق والتوتر لدى الطفل، حيث يتساءل باستمرار عما إذا كان كافيًا أو إذا كان يحقق توقعات الآخرين، مما قد يسبب له صعوبة في الاستمتاع بالأشياء التي يحبها.

انعدام الثقة بالنفس

كل مقارنة تزرع بذور الشك، مما يؤدي إلى تدني تقدير الطفل لذاته. بدلاً من أن يشعر بالفخر بإنجازاته، قد يشعر بعدم القدرة على تلبية المعايير المفروضة عليه.

العداء بين الأشقاء

قد تؤدي المقارنات إلى خلق أجواء من العداء والحسد بين الأطفال، حيث يترسخ في أذهانهم أن المحبة والتقدير يتوقفان على التفوق في مجالات معينة، مثل الدراسة أو الرياضة، مما يهدد العلاقة الطبيعية بينهم.

رفض الذات

في الحالات الأكثر تطورًا، قد يؤدي هذا النوع من المقارنة إلى رفض الطفل لذاته، خاصةً إذا كان يشعر مستمرًا بأنه لا يرقى إلى المستوى المطلوب، مما قد يدفعه إلى الانسحاب الاجتماعي أو تدهور حالته النفسية.

صورة تعبيرية

كيف نتجنب المقارنة؟

قد تشعرين الآن بنوع من الأسى على كل لحظات المقارنة السابقة، لكن لا تقلقي، فهناك طرق يمكن من خلالها زرع قيم جديدة وجميلة في طفلك، ومنها:

التقدير الفردي

اعتمدي على مبدأ أن كل طفل له قيمته وفرادته. اجتهدي في اكتشاف مميزاته وقدراته الخاصة وتقديرها بدلاً من مقارنة هذه المميزات بغيره. فكل طفل يعبر عن نفسه بطريقة مختلفة، ولديه سماته الفريدة التي تجعله مميزًا.

إظهار المحبة بلا شروط

قيمي طفلك بناءً على من هو، وليس بناءً على أدائه أو إنجازه. أظهري له محبتك ودعمك غير المشروط، وأكدي له أنه محبوب لمجرد كونه هو، وليس بسبب ما يحققه.

التركيز على الجهود لا النتائج

بدلاً من التركيز على مقارنة نتائج الأطفال، ابدئي بتشجيعهم على بذل الجهد والتركيز على تطورهم الذاتي، فهذا يعزز من شعورهم بالإنجاز والرضا عن أنفسهم.

التوجيه بدلًا من المقارنة

بدلاً من إخبار الطفل بأن شخصًا آخر أفضل منه، استخدمي التوجيه الإيجابي لرفع معنوياته. قولي له: "أنت تقوم بعمل رائع، وإذا كنت ترغب في تحسين مهارتك في هذا المجال، يمكننا معًا العمل على ذلك".

الاحتفاء بكل طفل على حدة

خصصي وقتًا للاحتفال بإنجازات كل طفل على حدة، سواء كانت كبيرة أم صغيرة. تأكدي من أنك تُظهرين تقديرك لهم كأفراد مستقلين، وليس كأجزاء ضمن معادلة مقارنة.

أطفالنا هم انعكاس لعالمنا الداخلي، وهم بحاجة إلى البيئة التي تقدرهم كما هم. المقارنة بين الأطفال قد تكون أقسى من أي نوع آخر من الانتقادات. بدلاً من أن نزرع فيهم بذور المنافسة غير الصحية، دعونا نعزز فيهم بذور الحب والثقة بالنفس. عندما يشعر الأطفال بأنهم مقبولون بسلامة دون مقارنة مع الآخرين، سيكتشفون في النهاية إمكانياتهم الحقيقية ويتقبلون أنفسهم بشكل كامل.

إن تربية الأطفال تتطلب منا التفهم والاحتواء، بعيدًا عن المقارنات السلبية التي قد تضر بهم على المدى الطويل. لذلك، اجعلوا من الحب والقبول أساسًا في تربية أطفالكم، وامنحوهم الفرصة ليكونوا أنفسهم دون ضغط أو مقارنة.