حب الأمهات: توازن بين المشاعر والاحتياجات

تؤمن العديد من الأمهات أن حبهن لأطفالهن متساوٍ، وأنهن لا يفرقن بين أبنائهن في مشاعرهن وعواطفهن. لكن، في واقع الحياة، قد تكتشف بعض الأسر أن هناك تفضيلًا غير معلن لطفل على آخر، وهذا قد يكون ناتجًا عن أسباب شخصية، نفسية، أو حتى بسبب الظروف المحيطة بالعائلة.
فهل تحب الأمهات جميع أطفالهن بنفس القدر حقًا؟ أم أن هناك عوامل معينة تؤثر في طبيعة العلاقة بين الأم وأبنائها؟
الحب المتساوي أم التفضيل غير الواعي؟
من الناحية النظرية، يُفترض أن تحب الأمهات جميع أبنائهن، ولكن الحب لا يعني بالضرورة المعاملة المتساوية. فالتعبير عن الحب يمكن أن يتخذ أشكالًا متعددة، وقد يكون لكل طفل مكانة خاصة في قلب والدته وفقًا لشخصيته، واحتياجاته، أو حتى التجارب التي مرَّت بها معه.
في بعض الأحيان، قد يكون التفضيل غير واعٍ، حيث تميل الأم إلى الطفل الذي يشبهها في الصفات أو الذي يتشارك معها الاهتمامات. كما أن الظروف المحيطة، مثل احتياج أحد الأبناء لرعاية أكبر بسبب مرض أو صعوبات، قد تؤدي أيضًا إلى شعور بالتفضيل.
أسباب تفضيل أحد الأبناء على الآخرين
يعود التفضيل الواضح لأحد الأبناء دون غيره لأسباب متعددة، منها:
1. التشابه الشخصي والميول المشتركة
تجد بعض الأمهات أنهن يقتربن من الطفل الذي يشبههن في الطباع أو السلوكيات. فالتواصل يصبح أكثر سلاسة عندما يكون هناك انسجام فكري وعاطفي، مما قد يشعر باقي الأبناء بتفضيل واضح.
2. الظروف الخاصة بالطفل
قد يحتاج بعض الأطفال إلى رعاية واهتمام أكبر بسبب مشاكل صحية، صعوبات دراسية، أو تحديات نفسية مثل أطفال التوحد أو ذوي الاحتياجات الخاصة. في هذه الحالة، قد تمنح الأم اهتمامًا زائدًا لهذا الطفل، ليس بدافع التفضيل، ولكن بسبب الحاجة، مما قد يولد شعورًا بعدم المساواة لدى باقي الأبناء.
3. ترتيب الولادة
غالبًا ما يحظى الطفل البكر باهتمام خاص لأنه تجربة الأم الأولى، بينما قد يحصل الأصغر سناً على معاملة مميزة لكونه "آخر العنقود". أما الابن الأوسط، فقد يشعر أحيانًا بالتجاهل مقارنةً بإخوته.
4. سلوك الطفل وردود أفعاله
الطفل الهادئ والمطيع قد يحظى بتقدير أكبر من الأم مقارنةً بالطفل المتمرد أو كثير المشاكل، مما قد يخلق انطباعًا بالتفضيل، حتى وإن لم يكن ذلك مقصودًا.
كيف يؤثر تفضيل أحد الأبناء في العائلة؟
يمكن أن يترك شعور الأطفال بعدم المساواة أثرًا عميقًا في علاقاتهم الأسرية، مما يؤدي إلى:
الغيرة والتنافس بين الأشقاء
عندما يشعر أحد الأبناء بأن أخاه يحصل على معاملة مميزة، فقد يؤدي ذلك إلى صراعات مستمرة وغيرة داخل العائلة.
تراجع ثقة الطفل بنفسه
الطفل الذي يشعر بأنه الأقل تفضيلًا قد يعاني من انعدام الثقة بالنفس، وقد يسعى دائمًا لنيل رضا والديه بطرق مختلفة.
فتور العلاقة بين الأم وأحد أبنائها
في بعض الحالات، قد يؤدي شعور الطفل بالتجاهل إلى تباعد العلاقة بينه وبين والدته، مما يؤثر على الترابط العائلي على المدى الطويل.
كيف يمكن للأمهات تحقيق التوازن في حبهن لأطفالهن؟
بينما يشعر الأطفال بتلك الديناميكيات، يجب على الأمهات ألا يستسلمن للوضع. بل، عليهن بذل جهد لحماية مشاعر أطفالهن من خلال:
وتقابل حبيب الحلقة 26
الاعتراف بالمشاعر الداخلية
لا بأس أن تعترف الأم بأنها قد تميل لأحد أطفالها أكثر من الآخرين، ولكن الأهم هو كيفية إدارة هذه المشاعر بطريقة لا تؤثر سلبًا على باقي الأبناء.
التعامل العادل وليس المتطابق
العدل لا يعني أن يحصل كل طفل على المعاملة ذاتها، بل أن يحصل كل منهم على ما يناسب احتياجاته وظروفه الفردية.
تعزيز الروابط الفردية
تخصيص وقت لكل طفل على حدة والاستماع لمشاعره واهتماماته يسهم في تقوية العلاقة بين الأم وجميع أبنائها.
الحرص على عدم إظهار التفضيل
حتى وإن كانت هناك مشاعر تفضيلية غير واعية، من المهم ألا يلاحظها الأبناء، حتى لا تؤثر على علاقاتهم ببعضهم البعض.
حب الأم لأبنائها هو عاطفة لا تخضع لقوانين ثابتة، لكنها تتطلب وعيًا وإدراكًا لضمان تحقيق التوازن العاطفي داخل العائلة. قد تكون هناك ميول طبيعية تجاه أحد الأبناء، لكن الأهم هو كيفية التعامل بحكمة مع هذه المشاعر، ليشعر كل طفل بأنه محبوب ومقدر بنفس القدر.