فهم الغيرة في العلاقات العاطفية
هل شعرت يومًا باندفاع قوي يدفعك لتفقد هاتف شريكك أو البحث في رسائله، بينما تتساءلين في داخلك عما إذا كان هناك ما يثير الشك؟
ربما تكونين قد مررت بلحظة من القلق عندما أخبرك بأنه سيتأخر بسبب اجتماع طارئ، مما جعل الوساوس تتسلل إلى أفكارك.
تتزايد هذه التصرفات عندما تلاحظين أمورًا تثير الشكوك، ولكن يجب أن تتذكري أن التجسس على شريكك يُعتبر تجاوزًا للحدود الشخصية، وقد يؤدي إلى تداعيات سلبية على العلاقة.
الغيرة هي شعور إنساني طبيعي يظهر في العلاقات العاطفية بطرق متعددة، وقد تكون دافعًا قويًا لتعزيز الارتباط بين الشريكين. ولكن عندما تتحول إلى هاجس يسيطر على تفكيرك، فإنها قد تفسد جمال العلاقة.
في هذا السياق، تناولت أخصائية العلاقات أبريل إلديمير في مقال لها على موقع Gottman جوانب الغيرة في العلاقات، أسبابها، وكيفية التعامل معها بشكل صحي يحافظ على التوازن بين الثقة والخصوصية.
لماذا نشعر بالغيرة في العلاقات؟
تؤكد أبريل أنه عند فهم الأسباب الكامنة وراء مشاعر الغيرة، يمكن التعامل معها بطرق بناءة؛ إذ أن إدراك نقاط الضعف لدى شريكك وقبولها، بالإضافة إلى نقاط ضعفك الشخصية، يسهم في تعزيز العلاقة.
فهم مسببات الغيرة
غالبًا ما تكون الغيرة نتيجة لانعدام الأمان أو تجارب مؤلمة من الماضي، أكثر من كونها ناتجة عن تصرفات الشريك. على سبيل المثال، إذا تعرضت للخيانة في علاقة سابقة، فقد تجدين نفسك أكثر حساسية تجاه أي تصرف قد يُعتبر تهديدًا لاستقرار العلاقة.
لذا، من المهم مشاركة هذه المخاوف مع الشريك حتى يتمكن كل طرف من فهم حدود الآخر واحترامها.
كما يمكن أن تنبع الغيرة من تدني تقدير الذات أو الصورة السلبية عن النفس. حين لا يشعر الشخص بأنه جذاب أو يستحق الحب، يصبح من الصعب عليه تصديق حب الشريك له.
أيضًا، التوقعات غير الواقعية حول العلاقة قد تعزز مشاعر الغيرة، مثل الاعتقاد بأن الشريكين يجب أن يقضيا كل وقتهما معًا، مع أن وجود مساحة شخصية ضرورية للحفاظ على توازن العلاقة.
هل مشاعرك تعكس الواقع؟
من المهم أن تعي أن المشاعر ليست دائمًا حقائق. لذا، عند شعورك بالغيرة، اسألي نفسك: "هل هناك دليل على أن شريكي يتصرف بطريقة تهدد علاقتنا؟"
إذا لم يكن هناك دليل واضح، فمن الأفضل عدم الاستسلام للأفكار السلبية، بل الاعتراف بها ثم استبدالها بتفسيرات أكثر واقعية.
متى تصبح الغيرة مشكلة؟
الغيرة قد تتحول إلى سلوكيات غير صحية تؤثر سلبًا على العلاقة. من أبرز علامات الغيرة المفرطة:
- التجسس على هاتف الشريك أو بريده الإلكتروني دون إذنه.
- توجيه الإهانات أو التعليقات السلبية بشكل متكرر.
- الشعور المستمر بأن الشريك لم يعد ينجذب إليك.
- الاستجواب المبالغ فيه عن تفاصيل يوم الشريك وتحركاته، وتوجيه الاتهامات دون أدلة واضحة.
الغيرة كفرصة لتعزيز العلاقة
الغيرة ليست دائمًا شعورًا سلبيًا، بل قد تكون علامة على وجود شيء يحتاج إلى اهتمام. العلاقات الصحية تقوم على الاحترام والثقة والشفافية. إذا شعرت بالغيرة بسبب تصرف معين من شريكك، فبدلاً من التسرع في إصدار الأحكام، ناقشي مشاعرك معه بأسلوب هادئ وباستخدام عبارات محترمة.
على سبيل المثال، بدلاً من قول "أنت لا تهتم بي"، يمكنك التعبير عن مشاعرك بطريقة بناءة مثل "أشعر بعدم الارتياح عندما لا أعرف أين أنت أو مع من تقضي وقتك. سيكون من المفيد لي لو أخبرتني بذلك".
تعزيز الثقة وبناء الأمان العاطفي
الانفتاح والوضوح بين الشريكين يساعدان على تقوية العلاقة. من المهم وضع حدود واضحة فيما يتعلق بالتفاعلات مع الآخرين. وكلما كان الشريكان أكثر شفافية وأولوية لعلاقتهما على أي التزامات أخرى، زادت قوة الرابطة بينهما.
عند فهم أسباب الغيرة والتعامل معها بأسلوب ناضج، يمكن تحويلها من تهديد إلى فرصة لتوطيد العلاقة وتعزيز المشاعر الإيجابية بين الشريكين.
الغيرة شعور طبيعي وقوي في العلاقات، لكنها قد تصبح سلاحًا ذا حدين. فإذا دفعتكِ إلى التجسس أو محاولة التحكم في الشريك، فأنتِ بذلك لا تعززين علاقتكما، بل تضعينها على طريق الفشل.
المتوحش 2 مدبلج الحلقة 256
لذا، كوني حكيمة في مشاعرك، وتحكمي في غيرتكِ قبل أن تتحكم هي بكِ. اجعليها دافعًا لتعزيز الثقة بينكما، لا سببًا لتوتر العلاقة وتدهورها.
